منتديات عيون بغداد
منتديات عيون بغداد
منتديات عيون بغداد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اهلا وسهلا بكم
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
زوار منتديات عيون العراق ارجو منكم التسجيل او الدخول والعضاء ارجو منكم الرد علا المواضيع

 

 قصص

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:19 pm

لوحة أغلى من الذهب
شاهيناز فواز

انسدل ستار الليل معلناً عن بداية جديدة لمعصية لم يقدم عليها من قبل.. فقد إعتاد على ممارسة أى معصية يقترحها أحد الأصدقاء فى اجتماعهم الشيطانى .
كل ما حوله يمهد له الطريق بسهولة ويسر(فضائيات / نت / فتيات / مخدرات ) ضمير غائب ،وأشياء أخرى
استقل سيارته بعدما ترك المجلس فى طريقه للعودة الى البيت متأملاً الطريق تفاجأ بانتهاء البنزين وتوقف السيارة ..يخرج من السيارة ملقياً ببصره حول المكان عسى أن يجد من يساعده..يجد الطريق خاليًا من المارة والسيارات .يخرج هاتفه المحمول ويقوم بالإتصال بأحد أصدقائه لمعاونته، وينتظر.
يستند بظهره على مقدمة السيارة، يشعل تلك السيجارة التى أعدها له أحد الأصدقاء، يتأمل لوحات ملصقة على الجدران، تستوقفه لوحة مكتوب عليها بعض الكلمات " الرقيب / يعلم ما تسرون وما تعلنون / لمن الملك اليوم / وما تدرى نفس ماذا تكسب غداً وما تدرى نفس بأى أرض تموت "
تدور بخلده بعض الأفكار المزعجة ويتسائل "ترى ماذا لو اقتحم السيارة بعض البلطجية ورفعوا علي السلاح فى هذا المكان الموحش وقتلت هنا ؟!!! أين كنت أقضى يومى؟ وماذا كنت أنوى فعله عند عودتى للبيت ؟ !!"
ألقى ببصره نحو السماء متمتمًا بكلمة( الرقيب ) ثم قال بصوت خافت:"أنت ترانى الآن ،انا هنا وحدى ،لا بل أنت معى ،و هناك كنت أيضا معى وترانى ، وتعلم ما فى نفسي".
إرتسمت على شفتيه إبتسامة تحمل معانى الخجل والضيق واستطرد وقد ألقى بالسيجارة تحت قدميه " لست سيء إلى هذه الدرجة.. أقول لك ماذا فعلت من حسنات .؟اننى .....يصمت للحظات متعجبا من حاله بعينين زائغتين وكأنه يبحث عن فعل حسن قام به لوجه الله تعالى ، لا يجد
يدرك أن ما فعله كان لإسعاد نفسه والآخرين وليس من أجل مرضاة الله عز وجل ، يعاود النظر ثانية الى السماء قائلا (حسنا انا لم افعل شىء من أجلك يا الله، واعترف اننى إقترفت الكثير من الآثام لإشباع شهواتى وإسعاد نفسى، وأنت حتى الآن لم تبتلينى بشىء يوقفنى ويؤنبنى على ما افعل "
يستطرد متسائلا "هل هذا معناه انك لا تريدنى الجأ اليك ؟!!! هل ستتركنى على هذه الحال حتى ألقاك أم انتظر البلاء ؟!!!"،
يتذكر قول والده ذات يوم حين كان يؤنبه على ترك الصلاة وملازمته لأصدقاء السوء "ابك على نفسك لأنك لم يصيبك شىء من إبتلاء الله تعالى لك حتى الآن، على الرغم من كل المعاصى التى ارتكبتها فى حياتك ..عليك أن تخشى من سوء الخاتمه ومن لا يريده الله يجعله فى الأرض يفعل ما يشاء دون تأنيب للضمير ..أتعلم يا ولدى.. انت بلائى فى الدنيا ..انت عمل غير صالح "
تألقت الدموع فى عينيه لأول مرة من أجل ذلك مغمغما" لهذه الدرجة أنا انسان سىء"؟! ، ثم القى ببصره ثانية نحو السماء قائلا "انك انت الغفور مالك الملك ساعدنى يا الله كى أكون مثلما يجب أن أكون"، ثم أزال الدموع التى كست وجهه شاعراً بتلك السعادة التى امتلأ بها قلبه متسائلا "ترى هل هذا هو الإحساس الذى كنت تحدثنى عنه ؟!!! وتتمنى ان اشعر به .."عندها تملكته رغبة شديدة فى أن يتوضأ ويقيم الصلاة.
يبحث حوله، واذا بماء سبيل موضوع على الجانب الآخر من الطريق ،يتجه نحوه ، يسبغ الوضوء مطمئن القلب ولا زالت الدموع تتدفق دون توقف ، وبينما هو فى طريقه الى السيارة اذ به امام سيارة تمر سريعا ولا يستطع أن يتفاداها.. ليسقط مستسلما لقدر محتوم وتعلو وجهه إبتسامة صافيه تحمل معالم الرضا، إبتسامة إمتزجت بنهر من دموع عرفت طريق قد إهتدت إليه ولن تضل بعده أبدا ..............
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:20 pm

صاحب الظل الكبير
محمد الغباشي

كان يوازيني طولاً وجسمًا وحجمًا، إلا أنه كان يكبرني بكثير.. لطالما تمنيت أن أكون في دماثته وأخلاقه العالية وثباته وشجاعته في المواقف الصعبة.. لم يكن يساورني شك في أنه يسبقني إلى الله بمفازات وقفار وبحار قطعها في الطريق.. قنعتُ منه بمجرد القرب والإفادة من مواقفه الفريدة حينما تأكدت ألا طاقة لي باللحاق به.. كنت أتساءل دائمًا عن السر الذي أوصله إلى مثل هذه الحالة، بيْد أن المعايشة المستمرة له أوقفت ضميري على مآثره ومزاياه التي لم أرها في أحد قبله..

لم أكن في بادئ الأمر أعبأ كثيرًا إذا تعرضت لفقد شيء مما أملك, ولكنني صرت على يقين عندما أثبتت لي الأيام أن الإنسان لا يقدّر النعمة التي أنعم الله بها عليه إلا حينما يفتش عنها فلا يجدها.. ويسبر أغوار ذاته فلا يجد منها إلا طيفًا مستقرًا في وحشة الغربة والأسى.. أو يتخبط يمنة ويسرة حينما لا يجد توجيهها الذي اعتاده على مر الأيام والسنين.. لم يتسرب هذا المعنى إلى ضميري إلا حينما سافر زوجي ومرّ على سفره سبع سنوات حتى الآن.. فمع أن الله قد رزقني بثلاث زهراوات تشرق لهن الدنيا حينما تطل إحداهن، إلا أنني أشعر بوحدة لا تكاد توصف بغيابه..

لا يزال صدى كلماته يهمس في أذني كلما جلست إلى نفسي أتذكره وأتذكر ذكرياتنا معًا.. أتذكر نظراته الحنونة أحيانًا والغاضبة أحيانًا أخرى.. الباسمة تارة والحزينة تارة والمترقبة تارة أخرى.. أكاد أرى الآن عينيه مرتسمتين أمامي برموشهما الطويلة وبؤبؤيهما الأسودين شديدي القتامة.. لم يبق لي منهما إلا الذكرى..

كم كنت حمقاء عندما كنت أسبب له الضيق والحزن بداعٍ وبلا داع.. كنت أحيانًا أندهش من غضبه «الرقيق» من بعض ما لا أعده أنا شيئًا في ميزان المشكلات بين المرء وزوجه.. ولكنني بمرور الوقت اكتشفت كم كان رقيق القلب جياش العاطفة بشكل لا محدود.. لذلك كان القليل من الخطأ يغضبه كما كان القليل من الحب يرضيه ويقنعه.. من أجل ذلك لم أجد في نفسي غضاضة الآن لأصف نفسي بالحمق حينًا والبلاهة أحيانًا.. كان شيء بداخلي يخبرني بأنني يومًا ما سأجد نتيجة ما كانت تقترفه يداي.. صوت كان يأتيني من ركن بعيد في أعماق ذاتي كان يتردد صداه في نفسي.. لم أكن أدري أن هكذا عقابًا أليمًا كان سيحل عليّ بالبعد عنه..

لا أخفيكم.. في بعض الأحيان عندما كان يدب الشك إلى عقلي كنت أتصنّع المشكلات لإغضابه.. وكأن عقلي الباطن يدفعني لأضعه في اختبارات لأرى مدى قوته وصلابته ـ أو رجولته إن شئت أن تقول ـ.. بل وفي بعض الأحيان كان حِلمه هو ما يجرّئني على أن أستفزه بفعل سوء أو كلمة سوء أو نظرة سوء..

كنت أجالس صديقاتي في بعض الأحيان فيحكين لي عن زوج ضَرَبَ، وثانٍ شَتَمَ وسَبَّ وقَذَف.. وثالث هجر البيت شهرًا أو شهرين.. ورابع كسر ضلعًا أو ضلعين.. وخامس وسادس وسابع.. فأتخيل حينها صورة "صاحب الظل الكبير" تتراءى أمامي وهو يفعل الشيء نفسه فأستعيذ.. وأستعيد ذكريات ـ أعدّها أليمة ـ لترسم لي الغضب على طريقته هو.. حيث ضرب.. نعم ضرب.. ضرب مثلاً في النزاهة والحلم والأخلاق.. كانت غضبته هجرًا في أقصى صورها.. ويا لها من غضبة.. لهفي على قلبي من غضبة "صاحب الظل الكبير".. كانت تتقطع معها أوصالي.. ويتفتت إزاءها قلبي وكبدي.. ولكن ريثما كان يعود فتعود للدنيا بسمتها وإشراقها من جديد..

حينما يبتسم «صاحب الظل الكبير» كنت أرى الدنيا بمنظار آخر.. كنت أراها كما علّمني أن أراها.. خاليةً من الشر.. من القهر.. من الأسى أو الحزن.. مليئةً بالبشر والحبور.. قريرةً بالدفء والنور.. بسمة واحدة من ثغره ـ الواسع إلى حد ما ـ كانت تملأ البيت روحًا وريحانًا..

كنت أستغرب عند رؤيتي ظلَّه ونحن سائرون معًا.. فرغم كوننا متساوييْن في الحجم إلا أن ظلّه كان ثلاثة أضعاف ظلي تقريبًا.. تعجبت كثيرًا حينما شاهدت ذلك لأول وهلة.. بيْد أن العجب زال حينما رأيت صاحب الظل الكبير من الداخل.. حينما نضح قلبُه حبًّا وعقلُه فكرًا.. أيقنت حينها أن الشمس تظلمه حينما منحته ذلك الظل الذي يتضاءل بجانبه كل ظل آخر..

كنت أستظل به كلما أصابتنا أشعة شمس الزمن الحارقة.. بسخونتها.. ورعونتها.. وقساوتها.. وفجاجتها وغلظتها.. كانت تلفحني بعدما تتفرس في وجهي.. لم تكن الأيام تمهلنا كثيرًا حتى تصوب إلينا أشعة شمسها الضارة.. ولكن ظِلّه الكبير كان يحميني منها.. فأكاد أراها مغتاظة مقرورة لمرآه.. تحاول التسلل من خلفه أو بين يديه.. ولكنه يتصدى لها في تحدٍّ بالغ.. ليثبت لها أنه لا يتزعزع.. وأنها لا محالة منهزمة مادامت تواجه.. «صاحب الظل الكبير»..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:20 pm

صاحب الظل الكبير
محمد الغباشي

كان يوازيني طولاً وجسمًا وحجمًا، إلا أنه كان يكبرني بكثير.. لطالما تمنيت أن أكون في دماثته وأخلاقه العالية وثباته وشجاعته في المواقف الصعبة.. لم يكن يساورني شك في أنه يسبقني إلى الله بمفازات وقفار وبحار قطعها في الطريق.. قنعتُ منه بمجرد القرب والإفادة من مواقفه الفريدة حينما تأكدت ألا طاقة لي باللحاق به.. كنت أتساءل دائمًا عن السر الذي أوصله إلى مثل هذه الحالة، بيْد أن المعايشة المستمرة له أوقفت ضميري على مآثره ومزاياه التي لم أرها في أحد قبله..

لم أكن في بادئ الأمر أعبأ كثيرًا إذا تعرضت لفقد شيء مما أملك, ولكنني صرت على يقين عندما أثبتت لي الأيام أن الإنسان لا يقدّر النعمة التي أنعم الله بها عليه إلا حينما يفتش عنها فلا يجدها.. ويسبر أغوار ذاته فلا يجد منها إلا طيفًا مستقرًا في وحشة الغربة والأسى.. أو يتخبط يمنة ويسرة حينما لا يجد توجيهها الذي اعتاده على مر الأيام والسنين.. لم يتسرب هذا المعنى إلى ضميري إلا حينما سافر زوجي ومرّ على سفره سبع سنوات حتى الآن.. فمع أن الله قد رزقني بثلاث زهراوات تشرق لهن الدنيا حينما تطل إحداهن، إلا أنني أشعر بوحدة لا تكاد توصف بغيابه..

لا يزال صدى كلماته يهمس في أذني كلما جلست إلى نفسي أتذكره وأتذكر ذكرياتنا معًا.. أتذكر نظراته الحنونة أحيانًا والغاضبة أحيانًا أخرى.. الباسمة تارة والحزينة تارة والمترقبة تارة أخرى.. أكاد أرى الآن عينيه مرتسمتين أمامي برموشهما الطويلة وبؤبؤيهما الأسودين شديدي القتامة.. لم يبق لي منهما إلا الذكرى..

كم كنت حمقاء عندما كنت أسبب له الضيق والحزن بداعٍ وبلا داع.. كنت أحيانًا أندهش من غضبه «الرقيق» من بعض ما لا أعده أنا شيئًا في ميزان المشكلات بين المرء وزوجه.. ولكنني بمرور الوقت اكتشفت كم كان رقيق القلب جياش العاطفة بشكل لا محدود.. لذلك كان القليل من الخطأ يغضبه كما كان القليل من الحب يرضيه ويقنعه.. من أجل ذلك لم أجد في نفسي غضاضة الآن لأصف نفسي بالحمق حينًا والبلاهة أحيانًا.. كان شيء بداخلي يخبرني بأنني يومًا ما سأجد نتيجة ما كانت تقترفه يداي.. صوت كان يأتيني من ركن بعيد في أعماق ذاتي كان يتردد صداه في نفسي.. لم أكن أدري أن هكذا عقابًا أليمًا كان سيحل عليّ بالبعد عنه..

لا أخفيكم.. في بعض الأحيان عندما كان يدب الشك إلى عقلي كنت أتصنّع المشكلات لإغضابه.. وكأن عقلي الباطن يدفعني لأضعه في اختبارات لأرى مدى قوته وصلابته ـ أو رجولته إن شئت أن تقول ـ.. بل وفي بعض الأحيان كان حِلمه هو ما يجرّئني على أن أستفزه بفعل سوء أو كلمة سوء أو نظرة سوء..

كنت أجالس صديقاتي في بعض الأحيان فيحكين لي عن زوج ضَرَبَ، وثانٍ شَتَمَ وسَبَّ وقَذَف.. وثالث هجر البيت شهرًا أو شهرين.. ورابع كسر ضلعًا أو ضلعين.. وخامس وسادس وسابع.. فأتخيل حينها صورة "صاحب الظل الكبير" تتراءى أمامي وهو يفعل الشيء نفسه فأستعيذ.. وأستعيد ذكريات ـ أعدّها أليمة ـ لترسم لي الغضب على طريقته هو.. حيث ضرب.. نعم ضرب.. ضرب مثلاً في النزاهة والحلم والأخلاق.. كانت غضبته هجرًا في أقصى صورها.. ويا لها من غضبة.. لهفي على قلبي من غضبة "صاحب الظل الكبير".. كانت تتقطع معها أوصالي.. ويتفتت إزاءها قلبي وكبدي.. ولكن ريثما كان يعود فتعود للدنيا بسمتها وإشراقها من جديد..

حينما يبتسم «صاحب الظل الكبير» كنت أرى الدنيا بمنظار آخر.. كنت أراها كما علّمني أن أراها.. خاليةً من الشر.. من القهر.. من الأسى أو الحزن.. مليئةً بالبشر والحبور.. قريرةً بالدفء والنور.. بسمة واحدة من ثغره ـ الواسع إلى حد ما ـ كانت تملأ البيت روحًا وريحانًا..

كنت أستغرب عند رؤيتي ظلَّه ونحن سائرون معًا.. فرغم كوننا متساوييْن في الحجم إلا أن ظلّه كان ثلاثة أضعاف ظلي تقريبًا.. تعجبت كثيرًا حينما شاهدت ذلك لأول وهلة.. بيْد أن العجب زال حينما رأيت صاحب الظل الكبير من الداخل.. حينما نضح قلبُه حبًّا وعقلُه فكرًا.. أيقنت حينها أن الشمس تظلمه حينما منحته ذلك الظل الذي يتضاءل بجانبه كل ظل آخر..

كنت أستظل به كلما أصابتنا أشعة شمس الزمن الحارقة.. بسخونتها.. ورعونتها.. وقساوتها.. وفجاجتها وغلظتها.. كانت تلفحني بعدما تتفرس في وجهي.. لم تكن الأيام تمهلنا كثيرًا حتى تصوب إلينا أشعة شمسها الضارة.. ولكن ظِلّه الكبير كان يحميني منها.. فأكاد أراها مغتاظة مقرورة لمرآه.. تحاول التسلل من خلفه أو بين يديه.. ولكنه يتصدى لها في تحدٍّ بالغ.. ليثبت لها أنه لا يتزعزع.. وأنها لا محالة منهزمة مادامت تواجه.. «صاحب الظل الكبير»..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:21 pm

عالم آخر..!
محمد الغباشي

نظرت في المرآة التي كانت في نهاية الطرقة في طريقنا للخروج، فذُهلت عن الحياة لحظةً.. ووجدتني تتسارع بي السنون من مكان لآخر، وتهرول بي الأيام فلا أستطيع بها لحاقًا. تغوص قدماي في بركة عميقة من أوحال الشيخوخة. لم يتعدّ عمري الثلاثين! بيْد أن الأيام تزاحمت في دفتر عمري؛ حتى بلغتُ من الكبر عتيًّا، وتكاثرت الشعرات البيض في رأسي؛ حتى اشتعل بها الرأس شيبًا.
رأيتني وقد انحنى ظهري حتى كدت ألمس ركبتيَّ. بدأ الضعف يدب في بدني وينخر عظامي حتى وهنتُ، ورغم ذلك تتراجع هي في سنها. رغم بلوغها نصف قرن عامر من العمر؛ لا أراها إلا شابة لم تزد عن الخامسة والعشرين، بل تزداد جمالاً كلما مرت الأيام. لا يزيدها مرور الزمن إلا حيوية ونضارة. أزداد ضَعْفًا وتزداد قوة.. يتقوس ظهري ويستقيم عودها.. يضعف بصري ويستحد نظرها.. ورغم ذلك تتملكني المخاوف من شيء مجهول.. أخاف إذا تعثَّرَتْ أن تسير إلى نهاية الطريق مثلي فلا تعود.. أتطلع لأراها موفورة الصحة دوني.. لا يهمني أمري بقدر ما أهتم لبهاء صورتها، وحسن منظرها وقوة ساعديها..
أود أن تُطوَى صفحتي بعدما أضع رأسي في حجرها.. وترجِّلُ لي شعري الفضي اللامع بيديها القويتين.. وتمَلِّسُ على وجهي الذي خطّ فيه الزمن خطوطًا متعرجة يمينًا وشمالاً بظاهر سبابتها والوسطى.. وترمقني بعينيها الواسعتين الجذابتين فتذرفان دمعتين حزينتين على فراقي.. وحينما ينتهي أمري وأبدأ في تذكر الأحداث في عالم آخر أرى صورة تلك الشابة في العشرينيات.. ذات الوجه النضر.. والحيوية المحيرة.. والبصر الثاقب.. فأشتاق إلى العودة كي أسدي لها الخير من جديد..

عمرها ضعف عمري تقريبًا.. ولكن هكذا أريدها.. شابة في مقتبل الحياة.. ترتجف أصابعي حينما أتخيلها في مثل حالي.. أبغي رؤيتها أنيقة.. صغيرة.. قوية.. فتية.. ولتنتهِ حياتنا معًا.. لا يهم.. المهم أن أضع رأسي في حجرها حين الرحيل.. ونتذكر حينها أيامنا معًا.. حينما كنت صغيرًا وكانت تلاعبني فأضحك حتى أنقلب على ظهري..
اليوم فهمت معنى تلك النظرة التي لم تزل تصوبها نحوي.. نظرة الحب الممزوجة بالرغبة في العطاء.. كنت أحاول أن أبادلها النظرة بأخت لها ولكن هيهات.. كانت تخرج نظرتي باهتة دون معنى.. رجوتها يومًا أن تعلمني كيف أنظرها.. ابتسمت حتى بان بياض أسنانها الصغيرة المتراصة في انتظام لافت.. فهمت أن لا طاقة لي ببلوغ ذلك الأمل البعيد.

لم أتخيل حياتي من دونها.. ترى كيف تكون؟! هل ستطلع الشمس يومها؟! هل ستتلفع الدنيا بالسواد حزنًا على فراقها؟! لا يهم.. المهم هو أن لا أكون حاضرًا لأشهد هذا المشهد الحزين.. أود أن أنتظرها هناك.. أراقبها وهي تسير بين الناس بخُطى الخير كما عودتني.. علمتني أن أتقن الحب.. لا أكتفي بمجرد الإحساس بتلك المشاعر الباردة.. بل أتفنن في التعبير عنها لمن أحب.. كانت تفعل ذلك معي.. كانت تتفنن في إرضائي.. وإذا أعرضتُ عنها يومًا : وجدتُها ـ وهي الأولى ـ تتودد إليّ لتزيل سخيمة الصدور وتعود الحياة إلى طبيعتها من جديد..

ولكن.. رأيتها من أعلى وهي حزينة مغضبة.. كيف ـ والحال كذلك ـ ستستطيع العيش دون أن تراني؟! كم كنت أنانيًّا حينما تقاذفت هذه الأفكار على رأسي!! ليس سهلاً على هكذا قلب أن يعيش دون محبوبه!! وخاصة هي.. أذكر أني نُفِيتُ عنها عشرة أيام دون رغبة مني ولا منها.. وعندما عُدْت لم أعرفها.. بل تنكَّرْتُ لذلك الكائن الذي وجدته أمامي.. رأيت في عينيها كدرًا وعكارة لا أزال أذكرها حتى اللحظة.. أدركت حينها ـ وحينها فقط ـ كيف يمكن للحزن أن يسيطر على إنسان..

ورغم ذلك لم أفكر إلا في نفسي وكيف سأكون من دونها.. ولكن هل توارد على ذهني كيف ستكون هي من دوني؟! كيف سيكون ذلك القلب الحاني بكل ما فيه من حب وشفقة ولهفة واشتياق؟! وكيف ستستيقظ هي يومًا فلا تجدني على سريري؟! أو تحملق إلى هاتفها منتظرةً اتصالاً مني فلا يأتي؟! أو على أقل تقدير تعلم أني أحيا في مكان ما في هذا الكون الفسيح؟!
أراها تفتش عني في كل بقعة ضوء تقِلُّها الأرضُ أو تظِلُّها السماء.. تتفرس في وجوه؛ الناس علَّها تجدني أو تجد من يشير إلي بنظرة من عينيه، أو كلمة من شفتيه، أو حتى إشارة من سبابته..
رأيتها وقد نظرت إلى السماء تستجدي ربها بالدعوات أن تجدني أو تجد ما يدل عليَّ.. لمحت عينيها وهي تدعو فخارت قواي ولبيت دعوتها..
عدت سريعًا مخترقًا جدر الرغبة والرهبة.. مخترقًا سحب المحبة وبحار الشوق وقفار الغربة؛ لأقف مرة أخرى أمام المرآة وأحدّق في عينيها الواسعتين السوداوين وأقبّل يديها.. لأقول وسط ذهولها: يفعل الله ما يريد..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:23 pm

إذا صَـدَقَ الـقَـلـب..!
رجاء محمد الجاهوش

حَزَمت "نَبيلة" أمتعتها استعدادًا للعودةِ إلى أرض الوطن، فلمْ يبقَ على حلولِ شهر رمضان المبارك سوى يومين، وهي حريصة كل الحرصِ على قضائه في ديارها بين أهلها وجيرانها والأصدقاء، فلشهر رمَضان حضور مميَّز في بلادها، تفرح بمجيئهِ المساجد ودور الأيتام وقلوب المؤمنين، فتتمايلُ حبًّا وخشوعًا وحَنينًا.
اسْتَقبَلت الشَّهر الكريم بابتسامةٍ ودمعَةٍ، وكانت في سِباقٍ مع الوقتِ للانتهاءِ مِن ترتيبِ البيتِ وتهيئةِ الأجواءِ لتكونَ أكثر استقرارًا، لكي تَنعم بزيارة ضيفها العزيز، فما أسرع تَعاقب الأيام وانْطِواء الليالي!
نظَّمت جدول العبادات فيما بينها وبين نفسها، متأسيَّة برسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ، فقد كان يكثر فيه من الطاعات، ويجدُّ ويجتهد، وكان كالريح المرسلة في جوده وكرمه، لا يمسك فيه شيئاً.

" يا حسرتى..!
لقد بدَّدنا الكثير مِن المال أثناء رحلة سفرنا الصَّيفيَّة، ولمْ أدَّخر شيئًا لأتصدَّق به في هذا الشهر الكريم، وإني لأستحيي مِن أن أمدَّ يَدي لوالدي وأطلب منه مصروفًا استثنائيًّـا."

هطل النَّدم على قلبها كهطول الوابل الصيِّب، فقد أحبَّت الصَّدقة واتخذتها ذلك الخبء من العَمل الصَّالح الذي بينها وبين خالِقها، فاحتفظت بحصَّالة صَغيرة بين أشيائها لكي لا تصل إليها عيون الفضوليين، فيكثرون الأسئلة فتتلوَّث النَّـوايا بشوائب الرِّياء.
أخذت تفكِّر بطريقة مَشروعَة لكسبِ مالٍ حَلال تنفقه في سبيل الله في هذا الشَّهر الكريم، فلمْ تهتدِ، فبكَت ودعَت الله ألَّا يحرمها فضل الصَّدقة في هذا الزمن المُبارك بسبب ذنوبٍ خفيَّـة..!

ذات مساء، أثناء تجوالها في كتاب (رياض الصَّالحين) قرأت حديثًا أزاح عنها بعضًا من الحزن الذي سكن فؤادها على صدقتِها المقيَّدة، فعندما يتعلَّق القلبُ بإحدى العبادات إيمانًا ورجاءً يصعبُ عليهِ ـ بعد ذلك ـ تركها، أو نقض عهده معها..!
عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَىٰ كُلِّ سُلاَمَىٰ مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ . وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئ مِنْ ذٰلِكَ: رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَىٰ».

" سأجتهد قَـدْرَ استطاعتي بَل أكثر.. اللهم عَونَـك"

يرن جرس الهاتف، فترفع السَّماعة وتجيب المتَّصل...
- السلام عليكم.
- وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بشقيقتي الغالية.
- ألا تريدين الذهاب إلى السُّوق لشراء ملابس العيد؟
- لقد اشتريت ثوبًا جميلا أثناء سفري لهذه المناسبة السَّعيدة.
- لم تخبريني بالأمر! هل وارَيتِه عن الأنظار كما يفعل الأطفال!
- نعم، ليكون مفاجأة.
- وماذا عن العباءةِ والحذاء وغيرها من الحاجيات.
- سأسأل الوالد وأستأذنه، ثم أخبركِ إن شاء الله.
- هل عادَ والدي مِن صلاة التَّراويح.
- نعم، وينتظر "القطايف" وفنجان القهوة.
- حسنًا، لا تتأخري عليَّ برد الجواب، لا أريد تأجيل الأمر، فكما تعلمين العشر الأواخِر على الأبواب، ولابد من التَّـفرغ للعبادة.
- بلَّغنا الله ليلة القدر، ومنَّ علينا بالعِتق.
- اللهم آمين.

اجتمعت الأسرة حول "صحن" القطايف وفنجان القهوة في جلسة عائليَّة حميمَة، فقالت "نبيلة" على استحياء:- والدي الحبيب، العيدُ قاب قوسين أو أدنى.
ابتسم الأب الحاني وأدرك مغزى الكلام، وردَّ ممازحًا: - كل عام أنتِ بخير يا ابنتي.
- وأنت بخير وصحة وسلامة..!
- والعيد لا يحلو إلا بلبس الجديد، أليس كذلك؟
- بلى، بلى، يا أجمل أب.
- ماذا تريدين؟
- شراء عباءة جديدة وحذاء ـ أكرمك الله.
- وكم تريدين؟
- ما تجود به نفسك، مع جزيل الشُّكر وخالص الدعاء.

لمعت في رأسِها فِكرة، فطربت لها..!

"سأشتري حِذاء رخيصًا، وعباءةً بسعر متوسط، وسأحتفظ بالباقي لأتصدَّق به."

كان المبلغ زهيدًا فاحتارت أين تضعه؟!
هل تَـهبه كَسَهم في وقفيَّة؟ أم تصرفه ـ كما تفعل كل شهر ـ إلى قطع نقديَّـة، وتتصدَّق بشكل يوميّ بإيداع تلك القطع في الحصَّالة!
هَفَتْ النَّفس إلى ما اعتادته، فذهبت إلى الجمعيَّة التَّـعاونيَّة القريبة مِن منزلها لتصرف المبلغ الزهيد إلى فئة "الخَمسين فلس"، لكنها لم تفلح..
تردَّدت على المكان أكثر مِن مرة دون فائدة، لعدم وجود الشَّخص المسؤول عن هذا الأمر، فجَثَمَ شعور صَلد بالتَّـقصير على صَدرها..

"أيَـمرّ شهر رمضان بأكمله دون أن أتصدَّق بفلس؟!!
يـا وَيْـلي!"
---
بينما هي جالسة تَتْلو آيات الذَّكر الحكيم بترتيل وتدبُّر ـ ساعة الضحى ـ رنَّ جرس الهاتف، فقطعَت قراءتها وأجابت المُتَّصِل...
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
- هل الوالدة موجودة؟
- نعم، مَن يريدها؟
- "مبَّرة طريق الإيمان".. لقد اتفقنا مع الوالدة أن نرسل لها مندوبنا ـ اليوم ـ لتحصيل مساهمتها في مشروع "كسوة يتيم"، وها هو في طريقه إليكم، فهل أنتم مستعدون؟
- نعم، حيَّاه الله، وجزاكم الله خيرًا.

أجابتها بتلقائيَّة وعفويَّة، ثم خبَّرت والدتها بالأمر...
- سامحكَ الله يا ابنتي، لِـمَ لَـمْ تستشيريني؟
- لقد قالت الأخت إن بينكما موعدًا مُبرمًا..!
- لقد نسيتُ أن أطلب مِنك أن تَسحبي لي مَبلغًا من آلة الصَّرف الآلي، ولا يتوفر معي أيّ مَبلغ الآن، فما العمل؟
- لا عليكِ ـ يا أمَّاه ـ لديّ مبلغٌ زهيدٌ سأتصدَّق به.

تسلَّل شيء مِن الرضا إلى قلبها، على الرَّغم مِن إحساسها الدائم بالتَّقصير!
حاولت دفع ذلك الإحساس مِرارًا، خشيةَ أن يكون مَدخلا مِن مداخل الشَّيطان، ووسوسةً تعيقها عَن أداء مختلف العبادات!
حَمَدَتْ الله أن يسَّر لها هذه الصَّدقة قُبيْلَ حلول العِشر الأواخر، وجعلت مِنها حافزًا للاجتهاد في الطاعة فيما تبَّقى من شهر رمضان.
انشغل الجميع بالعِبادة، وتوافد المسلمون على مضمار السَّبق في هذه الليالي المُباركة، كلٌّ يَرجو عفو الله ورحمته.

---

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر.. الله أكبر
ولله الحمد

وأشرقَتْ شمسُ العيدِ دافئةً رضيَّـةً، وسارَعَ الأحباب إلى تبادل التَّـهنئة، وسارَعَتْ هي إلى تهنئة أخوات حبيبات، قريبات بَعيدات، ربطها بهن إسار الأخوَّة في الله رغم غِياب الرَّسم والصُّورة!
جلست أمام جهاز الحاسوب، وقامت بإعداد بطاقة تهنئة بما لديها مِن معلومات قليلة في عِلم التَّـصميم، وأهدتها إلى كلِّ مَن تحبّ.
بعض الأمكِنة لها منزلة خاصَّة في القلوب، قد نُدرك سبب تميِّزها أحيانًا، وأحيانًا أخرى قد نجهله، إلا أن الشُّعور بالأنس الذي يغشانا عندما نزورها يؤكد على تميِّزها في قلوبنا، هكذا كان حالها مع "الـمُـلتقى"!
أخذَت تتصفَّحه على عَجَل، فوقع بصرها على موضوع شيِّق:
«« ✿ مسابقة العيد ✿ دوحة الذكر ✿ »»

لَمْ تكن يومًا مُغرمة بالمسابقات، لكنَّها ترغب بالمشاركة، حبًّا في المكان وأهله، ودعمًا مِنها لأنشطته وفعالياته، وشيئًا مِن مَرح الطفولة وحَماسَة الصِّبا يراودها صَبيحة يوم العيد.
نَسَخَت الأسئلة، واحتفظت بها في ملف جديد، لتسهل العودة إليها متى أرادت، فما زال في الوقتِ مُتَّسع.
اختَلَتْ فجر الجمعة مع أسئلة المُسابقة وبدأ البَّحث والتَّقصي عن الجواب الصَّحيح لكل سؤال، مُستعينة ببرنامج "جامع المُصنَّفات الإسلاميَّة الكبرى"، ثمَّ أرْسَلَت أجوبتها إلى الأخت المسؤولة عبر الرسائل الخاصَّة، وعادت مِن جديد إلى صفحة المُسابقة تتأملها لتكتشف أن اللجنة المُعدَّة لم تكشف السِّتار عن الجوائز..!
ابتَسَمَت قائلة: - أكبر جائزة أن تحصل على فائدة.

حان وقت لقائها مع الحاسوب ـ كعادتها كل صباح ـ ومع تصفِّح المنتديات المُشاركة فيها، وبالطّّبعِ لَمْ تَنسَ مُلتقاها العَـزيز...

|--*¨®️¨*--|نتائج مسابقة العيد|--*¨®️¨*--|

]نبارك لجميع حبيباتنا المشاركات الفوز بمسابقة العيد، شاكرات لهن حسن التفاعل[

"يا للفرحَـة..كلُّنـا فائزات!"

]ولذلك قررت الإدارة مشاركة الجميع في الجائزة بالتَّساوي؛ والجائزة هي :
حفر بئر في إحدى الدول الإسلامية الفقيرة، بقيمة: 3550 ريالا
ومساهمة في كفالة يتيم، بقيمة: 1000 ريالا
لكلِّ فائزة سهم بقيمة: 650 ريالا[

اقْشَعَرَّ جلدُها، اغْرَوْرَقَت عيناها بالدُّموع، لهجَ القلب بالحمد، ثمَّ خرَّت ساجِدَةً لله في خشوع.. سَجـدة شُـكـر.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:24 pm

الآن فقط انت صديقتي
سماح كنان

كانت سلمى جالسة تتنظر على احر من الجمر قدوم صديقتها ليلى كي تخرجا معا لاول مرة، و لم يطل انتظارها سوى دقائق معدودات حتى رن جرس المنزل فانطلقت سلمى مهرولة لتفتح الباب. لكن المفاجاة كانت كبيرة ، رات سلمى صديقتها ليليى و قد ارتدت ملابسها الواسعة المحترمة و حجابها الكامل ، لكن شياء غريبا تغير بها . انهما حاجباها ، يا لهمي ماهذا ؟؟ هذا ما صرخت به سلمى لكن ليلى ردت عليها : ايعجبك حاجباي؟؟
سلمى : ماذا فعلت ؟ انمصت حاجبيك ؟؟( اي قطعتهما او ازلت منهما بعض العشر )
ليلى : نعم ، اابدو اجمل الآن ؟؟
سلمى : لا و الف لا ، كيف تبدين اجمل و قد عصيت خالقك؟؟
ليلى : ما الذي تقولينه ؟ انها مجرد شعرات.
سلمى : نعم مجرد شعرات قد تدخلك النار.
ليلى : كفاك تشددا ، انما اردت التجمل فحسب.
سلمى : التجمل ؟ على حساب دينك و طاعة ربك ؟
ليلى : لا ارى شيئا في ما فعلته ، و امي لم تمانع.
سلمى : امك ؟ و هل تطيعين امك و تعصين ربك؟
ليلى :!!!!!!!
سلمى : حبيبتي ، انصتي الي ، انا صديقتك و اختك ، و اريد مصلحتك ،الم تعملي انالنمص محرَّم في شريعة الإسلام ، وبأن النامصة قد عصت ربها ومولاها ، وأطاعت شيطانها وهواها ، شيطانها الذي توعَّدها بالغوية والإضلال وتغيير خلق الله . قال تعالى : { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا {117} لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {118} وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ }
يامن تحبين الله وتشتاقين لــــرؤياه......
يامن كل مناك ان يرضى عنك مولاك......
اتعصين ربك بشعرات ؟؟ ما زادتك شيئا لا سخط ربك. انك و الله اجمل بنور طاعتك لربك و امتثالك لاوامره.
فقومي حبيبتي مولاكِ يُناديك وهو الرحيم الغفَّار .. وللتوبة يدعوك ِ .. وإلى البُعد عن المعاصي ينهاك ِ .. فما الذي يحُول بينك وبين التوبة .... أختي الغالية . كوني شجاعة .. لا تترددي .. اتخذي القرار واسلكي طريق الصالحات ..وترفعي عن المفرطات.. ولا تغتري بكثرة الهالكات
و ما ان انهت سلمى كلامها حتى ارتمت ليلي بحضنها و كلها دموع و هي تقول ربي اغفر لي ، ربي اغفر لي و اعتذرت عن الخروج معها و ذهبت لتتوضا و تصلي و تدعو الله ان يغفر لها .
فاجابتها سلمى ن الآن فقط انت فعلا صديقتي
اختي الحبيبة هذه رسالة اليك
توضئي لله وصلي ركعتين وقولي :
رباه قدتبت اليك مماجنيت ...
فلاترد من تاب وعــاد اليك....
جعلكِ الله ممن يعملون بعد السيئةالحسنة.....
وممن يستمعون القول فيتبعــــون أحسنه
هذا .. ووفقني الله وإياكِ لفعل الخيرات وترك المنكرات .. ونسأله أن يردَّنا إليه ردًّا جميلاً .. وأن يأخذ بأيدينا إلى الحق .. وأن يغفر ذنوبنا ، ويستر عيوبنا ، ويطهِّر قلوبنا ، أنه على كل شيء قدير



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:25 pm

سأبدا من جديد...
سماح كنان

كانت سلمى جالسة على شاطئ البحر ، حين نادتها أختها الصغرى لتتمشى معها ،إلا أنها رفضت ، و عادت من جديد لتبحر في تقكير عميق و حيرة كبيرة . شيء ما كان يحرمها السعادة و التمتع بالحياة
،إنها تغرق فيه كما يغرق طفل في أعماق هذا البحر ، الا ان الطفل يصرخ و ياتون لانقاذه ، اما هي فلا تستطيع الصراخ و لا طلب النجدة.
و بدأت تخاطب نفسها ، آه ! كم أشعر بالشفقة على نفسي ، كم عانت و تألمت و هي ما زالت في ربيع عمرها ، و لم تتجاوز الثامنة عشر بعد ، كم تحملت و هي مازالت في بداية حياتها.
كل ذلك بسببها هي ، نعم انها منى ، هي التي زينت لي هذا الطريق ، هي التي قادتني كي اتعرف به ....لا بل هي أمي ، نعم أمي لم تراقبني جيدا ،تركتني حرة افعل ما أريد حتى أخطات الطريق.......لا بل هو السبب ، هو الذي اغرقني باكاذيبه و وعوده الفارغة .....لا ..لا ، بل هي أنا ، نعم أنا السبب ، انا من كنت غبية كي أثق فيه ، انا من كنت غبية كي أصدقه ، لكنه ليس ذنبي أني صدقته ، فقد رأيت فيه الشاب المثالي الذي يؤنس وحدتي ، و يضفي نكهة على حياتي .
فلماذا اذا تركني بعد ان اخد قلبي مني ؟ تركني من اجل أخرى ؟؟؟ و استمرت في البكاء مدة طويلة ، الى ان مرت طائرة فوقها ، فرفعت بصرها نحو السماء.
يا للمصيبة ، يا للكارثة ، انسيت ان الله فوقي يسمعني و يراني الآن اتحسر على ماضي الحزين ؟ كما كان يسمعني و يراني و انا اعد الدقائق لمقابلته و انتظر بشوق رؤيته. و صبر علي و لم يعجل بعقابي ، كان بامكانه ان يقبض روحي و انا معه ، و أموت و أنا عاصية، يا للكارثة فضيحة في الدنيا و الآخرة.
آه ، ماذا فعلت ؟؟خنت ثقة والداي ، كانا يعلقان آملا كثيرة علي لكنني خذلتهما بسبب شاب تافه. و خنت اساتذتي و صديقاتي بتهاوني في دراستي و اهمالي دروسي بسببه ، و اكثر من هذا قصرت في عبادتي لله ،كيف سيكون مصيري و موقفي امام الله؟؟
آه كم من ليلة امضيتها أبكي عليه بدل البكاء من خشية الله
كم من ساعة أمضيتها افكر فيه بدل الانشغال بعبادة الله
آه يا ربي ، سامحني و اغفر لي ، فاني كنت ضعيفة ،ربي اني لك تبت ، ربي اني لك عدت.
الحمد لله انه امهلني حتى هذه اللحظة.
ادخلت يدها بجيبها و أخرجت صورته ،و نظرت اليها مطولا ، ليس نظرة اعجاب ، بل نظرة كره و شفقة. و بدات تسأل نفسها من جديد.
كيف صدقت أن حبا حقيقيا قد ياتي من هذا الطريق؟
كيف توقعت أن يستمر ما بيننا و بدايته خاطئة؟
كيف فكرت ان هذا هو طريق السعادة؟
و توقفت عن التفكير.....شخص مثله لا يستحق ان افكر فيه لحظة واحدة من حياتي .و مزقت صورته فأحست براحة تامة.
الحمد لله.. يا الله.. اغفر لي وتب عليّ..يا الله.. كم أنت رحيم وكريم.. أمهلتني وصبرت عليّ وأنا أعصيك..فامنن عليّ بعفوك ومغفرتك وأنا عائدة إليك..
و نزلت من عينها دمعة لكنها لم تكن دمعة حزن و ألم ، بل دمعة راحة و طمأنينة ، كانها تغسل قلبها من أحزانه القديمة ، و تبدأ صفحة جديدة. مسحت عينيها و قامت تجري نحو أختها ، و قد سرى بقلبها نبض جديد بحب الله ، و داخلها صوت يردد سابدأ من جديد !!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:26 pm

يقظة عقل أكمل
د/ خالد سعيد عبد القادر

كان يوماً عادياً من أيام شهر يناير من العام المائة بعد الألفية الثانية من الميلاد، ولم يكن الجو حاراً كغالب أيام السنة في كافة أنحاء العالم بينما كان الغبار الملوث يملأ الجو كسائر بقاع الكرة الأرضية منذ نهاية الحرب العالمية الثالثة رغم مرور أكثر من عشرين عاماً عليها.
ورغم مخلقات الأكسجين الصناعية التي تملأ الطرقات إلا أن البروفيسور الشاب كان يرتدي قناع التنفس ولم يستطع أن يخلعه قبل أن يدلف إلى مكان عمله اليومي بالجناح العلمي في الجهة الخلفية من القاعدة العسكرية العملاقة التابعة للإدارة المركزية للعالم الجديد.
كان الضجر يبدو عليه بوضوح بسبب إجراءات الأمن اليومية المحكمة، إلا أنه كان يشعر بالتفاؤل الشديد بسبب رطوبة الجو في هذا اليوم كحالة استثنائية وهي الظاهرة التي بدأت تتكرر كل بضعة أشهر في السنوات الأخيرة بما يبشر بالخير واحتمالية أن يبدأ مناخ الأرض بالعودة التدريجية إلى سابق عهده.
تذكر البروفيسور أجواء ما بعد الحرب الكونية الهائلة التي أدركها بعد نجاته و والدته من جحيمها بينما قضى فيها والده الذي كان عالماً في الكيمياء النووية في جيش البحرية، وربما كان أحد أبطال هذه الأحداث، وتذكر أيضاً كل ما درسوه له عن أحداث هذه الحرب.
كان يحدث نفسه كم أن البشرية أجرمت في حق نفسها وقضت على كل مكتسباتها عبر التاريخ، وكيف أن الاحتباس الحراري قد بلغ ذروته بعد هذه الأحداث بحيث أغرقت مياه المحيطات أغلب جزر العالم ومحتها من الوجود وكيف زالت دول بأكملها من على خارطة العالم وعمت الحياة البدائية كل أنحاء ما كان يعرف يوماً بالمعمورة.
وبينما هو غارق في أفكاره إذ ألقى عليه "أكمل" تحية الصباح بلكنة شرقية واضحة فتبسم ضاحكاً ليرد عليه التحية ويسأله عن سبب الحديث بلكنته الأصلية ولماذا لا يتحدث اللغة العالمية الموحدة في عصر ما بعد العولمة الإجبارية؟!
"وأكمل" هذا ـ لمن لا يعرف ـ ليس صديقاً للبروفيسور ولا موظفاً عنده وإنما هو "الفريزينج إيست براين" أو العقل الشرقي المجمد ؟!
وهو العقل الإلكتروني المركزي الذي يتحكم بجميع الدوائر والشبكات الإلكترونية في العالم، بدءاً من البث الفضائي والمراصد الأرضية والفضائية ، وانتهاءًً بالدوائر المغلقة والصنابير الإلكترونية ومصابيح الإنارة وغيرها، وباختصار هو العقل المركزي المسئول عن التحكم في كل مرافق الحياة الحيوية ، كما أنه العقل الحاوي لخلاصة العلوم البشرية التي أمكن اختزانها والحفاظ عليه أبان الأحداث العالمية المدمرة.
وتعجب البروفيسور من "أكمل" وكأنه يتعامل معه للمرة الأولى وبدت له فكرة السيطرة على هذا العقل البشري الشرقي مخيفة وعجيبة فبعد الحرب الكونية الكاسحة وضياع أغلب مقدرات البشرية اضطرت الدول العظمى إلى استخدام مشروعها السري الخطير و الطارئ!
ويعتمد هذا المشروع على تجميد عقل بشري ـ ذي مواصفات خاصة فائقة ـ بغسله وحقنه بمادة تعمل على الحفاظ على الخلايا العصبية ورفع كفاءتها آلاف المرات كما أنها تساعد على السريان الكهربي فيها بسرعة أعظم من أي موصلات صناعية إلى مراحل لا متناهية.
ومع أن المشروع يبدو في ظاهره غير أخلاقي إلا أنه كان الحل الوحيد للحفاظ على مكتسبات الحضارة الإنسانية أو هكذا تم تبريره في المقررات التي درسها البروفيسور.
ويبدو أيضاً أن المواصفات الفائقة المطلوبة في العقل المخلق بشرياً لم تتوافر إلا في عقل العالِم الشرقي "أكمل" الذي قيل أنه خضع اختيارياً للتجربة مع غيره من العقول إلا أنه كان الأكثر تميزاً، وقد اكتفت الإدارة العسكرية للعالم بتكريمه بعمل تمثال رمزي له في أحد الميادين، وقد تمت إزالته ـ للأسف ـ منذ عدة سنوات لأغراض إنشائية؟!
أعرض البروفيسور عن أفكاره التي اعتبرها متطرفة وبدأ إدارة عمله المعقد في محاولة صيانة العقل الإلكتروني المخلق بشرياً ولكن الشعور الغريب الذي يراوده كلما ابتدأ هذا العمل سيطر عليه بشكل كامل مرة أخرى كالعادة؟!
وتذكر كل التقارير التي كتبت من قبله والتي تحدثت عن أشياء مماثلة إلا أنها أكدت على الجودة الخارقة للعقل المجمد، ولكنه تساءل عن صحة الأبحاث الغريبة والسرية التي أكدت قدرة "أكمل" بث بعض الأفكار عبر الأثير والتي تحمل بعض أفكار صاحبه الأصلي ومعتقداته؟!
وعندما وصل إلى هذا الحد شعر بخوف شديد ورعدة تنتابه مما حدا به إلى نزع الوصلات التي كان قد وضعها على معصميه والخوذة المعقدة التي ارتداها فوق رأسه، وهي أدوات التواصل مع "أكمل".
ولكنه تذكر على الفور أن هذه الأبحاث لاقت معارضة شديدة من الإدارة المركزية حتى تم تجريمها بموجب قانون عسكري متشدد ، ألقي بسببه عشرات العلماء في غياهب السجون.
تلفت البروفيسور حوله خشية أن يكون أحد قد رآه، وشعر ببعض الحرج من نفسه فأعاد الوصلات سريعاً كما كانت وبدأ في ممارسة عمله ويديه تعمل بسرعة خبيرة على لوحة الأزرار العريضة أمامه وتذكر أن الأمر لا يحتمل العبث فهو وزملاؤه الآخرون يعملون بشكل يومي ودائب للحفاظ على كفاءة عمل "أكمل" وإلا تعرض أمن العالم وسلامته للخطر الشديد.
راقب البروفيسور كل المعطيات والبيانات التي تختزن أو تصدر إلى "أكمل" وشعر بالرضا التام، خاصة وهو يراقب معدلات البث المستهلك والتي تدل على أن الأولوية القصوى بنسب تزيد على الخمسين بالمائة هي للاستهلاك الإلكتروني للمواد ذات الطبيعة الإباحية الكاملة والتي تعبر عن روح المجتمع الحر وتمثل واقع الحياة الاجتماعية هذه الأيام!
فقد تجاوزت البشرية من وجهة نظره كل عوائق المطلق وانطلقت في فضاء النسبية الرحيب لتعبر عن ذاتها وتتحرر من أسر الغيبيات؟!
كما أكدت البيانات أن الأولوية الثانية كانت للمواد ذات الطبيعة الدامية والعنيفة على التوازي مع المواد الإلحادية والتي تتجاوز المقدس وخاصة مواد الأسترولوجي وعلوم السحر والنجوم؟!
كانت طقوس السحر الأسود تعجبه كثيراً، فهي تملأ الفراغ الروحي الذي يشعر به والذي أودى به مرات عديدة في دوامة الاكتئاب، شعر بتوتر شديد عندما وصل به التفكير إلى هذه النقطة وزادت قوة قبضته على مقبض المحول الاصطناعي للمواد المبثوثة.
كما و تعرقت جبهته بشده مع ارتفاع صوت ضربات قلبه حتى صار يسمعها، وكالعادة تدخل "أكمل" مرة أخرى ليهدئ من روعه بكلمات و همهمات غريبة وغير مفهومة؟!
وشعر البروفيسور بهدوء عجيب يغمر كل كيانه ، وتذكر فجأة أنه لم يسجل هذه الملحوظة في تقاريره من قبل قط عن "أكمل" وسأل نفسه لماذا فعل هذا ؟! وما الذي كان يدفعه ليحجب هذه الملحوظة الخطيرة عن المسئولين؟!
فهو تصرف فردي من "أكمل" يدل على قدر من التحكم الذاتي، وهو يعلم علم اليقين أنها مسألة خطيرة إلى الدرجة التي قد تودي بعمله بالكلية في مركز السيطرة الكوني الذي يعمل به؟! ولكن البروفيسور تجاهل أفكاره كالعادة وعاد لعمله الروتيني.
وفجأة ودون سابق إنذار بدأ البث الحي لمذابح دامية وعنيفة للغاية، ولا يدري البروفيسور لماذا ألح عليه بشدة أن منطقة المذابح هي الموطن الأصلي للعقل المجمد؟!
كانت الإحصائيات الإلكترونية التي يتحكم بها "أكمل" تدل أن البث موجه لكافة أنحاء العالم وكانت الشاشات أمامه تنقل الوقائع الدموية والتي يبدو أنها كانت مسلية جداً للجماهير المتعطشة والمعتادة عليها حول العالم ـ أو ما تبقى منه ـ فالصور الحية المنقولة للجماهير أظهرت مدى التشجيع المنقطع النظير ؟!
كما تخلل البث لقطات إباحية شيقة مما زاد من حماسة الجماهير وتصفيقها المدوي حتى أن البروفيسور اضطر إلى إعطاء أمر صوتي لـ "أكمل" بخفض الصوت للحد الأدنى؟!
وعلى الفور صدرت أوامر من القيادات العليا ببث عبارات ودعايات عقائدية تساعد على تقبل المحافظين من الجماهير للبث الدموي الحي ؟! وبدت الشعارات منطقية ومقنعة مما زاد من معدل التصويت الإلكتروني لصالح البث والدعاية وكان هذا يعني أموالاً طائلة تضاف للخزينة المركزية؟!
بدأ البروفيسور يتثائب و يتململ من البث المشاهد وكاد أن يسرح بفكرة إلا أن مؤشرات الصحة والسلامة لمسارات العمل العصبية المخلقة بشرياً بدأت تظهر خللاً ما ؟!
شعر البروفيسور بالدهشة الشديدة وفتح فمه تعجباً! إذ أنها المرة الأولى حقاً التي يلاحظ فيها شيئاً مماثلاً! بل هي الأولى من نوعها مطلقاً منذ بدأ العمل بنظام السيطرة المركزي عالمياً!
يا للهول مؤشرات البيانات الإلكترونية بدأت تتأثر هي أيضاً !
وفجأة ارتفع صوت صافرة إنذار ومعها دوى مكبر الصوت المركزي متسائلاً عن سبب الخلل بقلق واضح!
بدا الصوت الهادر للقائد الأعلى لسياسة العالم مهدداً متوعداً مما أشاع جواً من الارتباك والفوضى الهائلة في الإدارة المركزية!
وفجأة هدأ الضجيج وتوقف المكبر عن البث، وظهر على كل الشاشات الإلكترونية في المركز الرئيسي صورة ثابتة وواضحة وبدا جلياً من مؤشرات البيانات أن الصورة تبث عبر العالم في كافة وسائل البث المرئية بل وفي الشاشات الكبرى في الميادين؟!
كما تشير البيانات والمعلومات أمامه إلى الانتقال الكامل للتحكم الذاتي للعقل المجمد، حاول البروفيسور مرات عديدة إعادة النظام إلى سابق عهده ولكنه لم يستطع! وكذلك لم يستطع كل طاقم التحكم إنقاذ الموقف، وبدا الجميع مشلولاً!
يا إلهي إنها نهاية العالم ـ قال البروفيسور ـ وساد الصمت وبدت صورة الجماهير المشدوهة والمبهوتة مرعوبة وهي شاخصة بأبصارها نحو السماء؟!
نظر البروفيسور المشدوه لمعدلات البيانات فوجدها تشير إلى توقف المذبحة الدامية التي كان العالم يتابعها كما تشير مؤشرات الحرارة إلى اعتدال الأجواء عالمياً بصورة غير مسبوقة منذ ثلاثين عاماً؟!
ترافق مع صورة البث الثابتة صوت تفجيرات هائلة وأظهرت مراصد الزلازل والبراكين هدوءاً مفاجئاً !
وفجأة نطق صوت شرقي عميق ومدوي يعلن نهاية الحكم المركزي وكان في خلفية الصوت ترانيم شرقية حزينة ومؤثرة سحرت جموع الجماهير حتى بدأت ترددها مع عدم فهمها بالضرورة لما تقول؟!
نطق الصوت الشرقي يعلن أن الوعي قد عاد للبشرية
إنه صوت طالما تردد في الأعماق .. أعماق الضمير
إنه صوت يعرفه كل الناس في العالم
كما و يعرفه البروفيسور جيداً
إنه صوت "أكمل".
ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.ـ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:28 pm

عاهدت الله ألا أكلمه
إبتسامة حياة

الأيام تسير بنا ونكبر كل يوم لنتعلم من هذه الحياة
و هناك سؤال من الواجب أن يراودنا خلال حياتنا ماذا فعلنا بهذه الدنيا لآخرتنا؟ وأن نتذكر وجودنا على هذه الأرض جزئي فقط لنفعل الخير أم الشر وكل شخص يحدد إلى أيهما يتجه حسب دوافعه .
كل بني آدم خطاء والجميل أن نتعلم من هذه الأخطاء ولا نكررها .
قرأت الكثير من القصص التي تكون الفتاة بها ضحية وكيف تكون حياتهم بعد وقوع الإثم ,
ونشأتي ببيت متدين جعلتني حصينة والحمد لله من مثل هذه القصص فما كنت أفكر بأن أحادث شباب أو أن أسمع الأغاني أو أي شي من هذه المحرمات , مطمئنة وبعيدة كل البعد عن كل هذه الآثام .
وهكذا كنت أسير حياتي بلا هموم وبطمأنينة تجعلني أشعر بالسعادة والتفاؤل , حتى لو مر شيء يضايقني بحياتي اليومية سرعان ما أتذكر تعاليم إسلامنا العظيم وخصوصا هذه الآية " و عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم " وقصة الملك عندما قطع أصبعه فقال له نائبه لعله خير فسجنهوعندما سجنه قال له لعله خير ,ويوم من الأيام كان يسير الملك بالغابة فجاءت إحدى القبائل وأسرته لتقدمه وليمة أي يتم قتله فعندما يكتشفون أصبعه المقطوع يطلقون سراحه لأنهم أرادو وليمتهم كاملة, تذكرهنا قول نائبه فعندما وصل بلاده اطلق سراحه فقال له لقد علمت ما الخير بقطع أصبعي ,وما الخير في سجني لك قال له لو كنت معك لكنت أنا الوليمة ولقتلت .
" لعله خير " لتعود تلك الابتسامة من جديد .
فالحياة قصة نحن أبطالها أما أن تصنعها حياة سعيدة ومتفائلة أم حياة يشوبها الحزن والهم والأسى تذكر أنت البطل ,فأيهما تختار !! بيديك القرار.
بعد الحرب على غزة... قمت بجعل مساحتي الخاصة "السبيس" كلها عن غزة وما حدث بها , وهذا ما جعل الكثير من الناس بأنحاء مختلفة من العالم تضيفني على الماسنجر "لم أكن أعلم أن السبب مساحتي " فقمت وقتها بقبول إضافة 3 أشخاص من أصل 56 إضافة لمعرفة السبب . الأول شخص من اليمن يسكن في أمريكا واخذ يسألني عن وضعنا هنا في غزة وبعد أن أنهيت معه المحادثة قمت بحذفه وحظره.
الثاني سوري يسكن بالإمارات عندما سألته عن السبب قال لي يريد أن يتعرف وأخذ يقول لي أنا متزوج ولدي شركة في الشارقة ولم أجعله يكمل تلك الكلمات فقمت بحظره وحذفه ....
أما الثالث فكان من غزة وعندما أخبرني بأنه شاب كنت أود حذفه وحظره كغيره ولكن يومها قطعت الكهرباء وجاءت عاصفة الامتحانات ولم أفتح الماسنجر لأيام عديدة ونسيت أمره وفي يوم كنت قد كتبت النك نيم باسم المادة التي أدرسها ووضعت اللاب توب على جهة وأخذنا نذاكر أنا وصديقتي ,خرجت لأحضر شاي لصديقتي وعندما رجعت نظرت إلي نظرة غريبة قائلة انظري من يحدثك , كان هو فأخبرتها بالقصة وقلت لها أني لم أحدثه إلا مرة ونسيت أمره.
ولوجود صديقتي ويبدوا أنه يدرس نفس المادة التي ندرسها معاً قلت لها دعينا نرد عليه .... كانت بداية محادثته( ما أظن إنه نفس مادتنا لأنه أنا .... "كتب تخصصه " لم أنتبه لتخصصه, فقلت له أنا .... "وكتبت تخصصي ", وسألته عن تخصصه فأخبرني انه قال لي ) .
الصدفة العجيبة أنا نحن من نفس التخصص ومن نفس المستوى أيضاً , كانت صدفة غريبة حيث أني أخذت أتكلم معه بأريحية نوعا ما وبدأت أسأله عن الدكاترة في الجامعة وعن عددهم وعن درجاتهم وهكذا ....
أخبرته عن مبدأي بأني لا أحادث الشباب ولن أقوم بحذفه وحظره كغيره بشرط أن يكون حديثنا يختص بالعلم وعند الضرورة إذا احتاج أي مساعدة.
ومضت الأيام ...
كنت بالبداية حزمة جدا حتى انه كان يصفني بالمعقدة فكنت أضحك وأقول لنفسي هو لا يعلم حقيقتي لأنه شاب ....
كنت أحاول ان أهديه الى الصواب أي أكون موجه له للناحية الإيجابية من هذه الحياة, فكان إذا جاء موعد الصلاة وهو يكلمني أقول له أن يذهب.
كانت هذه التجربة الأولى لي والأخيرة بإذن الله .
لا أخفي عليكم كان لدي فضول كبير لأرى كيفية تعلق الفتيات بالشباب وكيف يصلون لارتكاب الإثم لذلك أخذت أتجاوب معه بالحديث لأرى إلى أن يريد أن يصل ,كان محترم فقط يريد أن يقضي وقت كعادة جميع الشباب بهذه الأيام كما أنه حذر معي نوعا ما .
وأصبحت الأيام أشهر بدأت أنسجم معه بالحديث لأخبره عن تفاصيل حياتي وهو كذلك .
كنت أحاسب نفسي يومياً فأجد بأني مخطئة عندما قلت له كذا أو كذا وأقول يجب أن لا أكلمه و لاحظ هذا التقلب مراراً بحديثه معي ....
لم أبدأ معه قط بمحادثة كان عادة هو من يبدأ معي وسرعان ما يبدأ معي أنسى ما قلته لنفسي باني لم أحدثه بعد اليوم وأكلمه .من المؤكد كان الشيطان يرافقني بذلك فيجعلني أتحدث معه مرة اخرى.
و حاول استدراجي ليأخذ رقم جوالي أو يراني بالرغم من أني كنت أعلم رقمه ورأيت صوره من خلال إطلاعي على مساحته .
هو يقول وشو فيها لو شفتك عادي ما رح آكلك
" كنت أقول بنفسي ذئب كما تلك القصص التي قرأت عنها كتب" وأشعر بأن الشيطان من يرافقه بذلك .
حاول مراراً ولكن عبثا فقد كنت مستيقظة بحمد الله وهل لي أن أكرر الأخطاء وأنا علمت نهايات الكثير وهل هو كذلك هل هو ذئب !!
صراحة بدأت أعتاد عليه فأقول لنفسي لا مجرد وسوسة شيطان ,فكنت أعيش في صراع أن أحذفه أو أبقيه فهو لم يلتزم بتلك الشروط أن لا يحدثنا إلا وقت الضرورة وبالعلم فقط ,فبعد أن كان يصفني بالمعقدة , قال لي يوماً أنت غير ما توقعت وغير نظرتي الأولى عنك " يومها بكيت أحسست بعذاب الضمير ,قلت له يا ليتني كما كنت بنظرك"معقدة" جميل هذا الوصف.
أخبرته أني بصراع مع نفسي وأني أشعر بتأنيب الضمير بالحديث معه ,قمت بعمل إميل آخر وأن أنسى إميلي لكني لم أستطع لأنه كان هذا الإميل رفيقي ومعتادة عليه.
مع الأيام أحسست أن تغير إلى الأفضل والله أعلم
" أسال الله له الهداية "

وفي ليلة والكهربا قاطعة جلست أحاسب نفسي كان القمر أمامي أحسست أن شعاع منه يخاطبني...
فبدأت يراودني هذا الصراع مرة اخرى وبدأت أتكلم بهذه الكلمات
(لا أود ان اخسر رضا الله
هذا الوقت الذي أضيعه بالحديث معه أليس هذا حرام لكني أود خيرا من ذلك .
لكنك تستطيعين أن تنجزي الكثير من الخير بهذا الوقت وأنت من يقوم بتنظيم وقته وبالتخطيط لحياته
ألم تبدئي بالانسحاب لطريق الشر
"وقتك , رضا الله , ثقة أهلي " هل أضيع كل هذا من اجل شخص قد يكون يستهزئ عندما تقولين له على الصلاة حتى وان كنت تظلميه ولا يستهزئ هناك غيرك
لا أود أن انحدر سامحني يا الله "
وكان هذا بإذن الله المفصل بيني وبينه فقد قمت وقتها وصليت وعاهدت الله أن ألا أتحدث إليه عبر الماسنجر نهائيا وحتى لو تكلم لن أفعل .
عاهدت الله وهل لي أن اخلف هذا الوعد فهذا من المستحيل .

تحدث إلي بعد ذلك ولم أرد فقال لي ردي ولم أرد فكتب لي ابعثي برسالة فارغة وأنا أفهم .. كأنه علم بوعدي حتى تلك الرسالة الفارغة لم أفعل
لقد وعدت الله .... خالقي .
قد أكون مبالغة وقد يكون كل شيء عادي كما يقول ولكن هو مدخل للشيطان فالبعد عن الشبهات .
لكن ما يهمني شيء واحد من هذه الدنيا هو رضا الله عني وتلك الطمأنينة لا تسلب مني ..
لقد تبت إلى الله وكل شخص يخطئ والمهم أن نتعلم من أخطاءنا وأخطاء غيرنا .
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
أسأل الله الهداية لي ولسائر امة المسلمين وأن يسدد طريقنا نحو الخير يا الله .
دمتم بود
:: إنتهت::

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:29 pm

الحلم ..
أمـل المستقبل

بسم الله الرحمان الرحيم

الجزء الأول

خالد بكبر مصطنع:
هل تعلمين من تحادثين ياآنسة شجون؟!
شجون: أعلم!.. الدكتور خالد! .. وماذا في ذلك؟! .. هل زاد أو نقص شيء؟!
خالد بغرور: صاحب السعادة الدكتور خالد الذي تتحدثين عنه .. يكون زوجك يا آنسة .. أم نسيتي ذلك؟!
شجون بتغنج:
لا .. لم أنسى .. ولكن لا تنسى أنت من أنا،
أنا شجون زوجتك أم طفلتك الحبيبة العنود التي تركتنا وبقيت في بيت والدي.
خالد وهو يضحك .. أوووووه .. جيد أنك تعرفين أن ابنتك تركتك وبقيت في بيت أبيك .. لأني أعلم أنك في الغالب تنسين وجودها ..
شجون بدلع : أوووووه خالد! .. العنود تركتنا نحن الإثنان .. وليس أنا فقط .. ثم ماذا إذا نسيت؟!! ..
لمعلوماتك!! .. سمي الإنسان إنسان لأنه ينسى وهذا ليس بعيب ..
وهي تأشر له بإصبعها .. علامة تهديد!! .. أفهمت يا دكتور؟!
خالد وهو يستلقي على السرير ويتنهد بابتسامة: فهمت سيدتي .. هل بإمكاني النوم الآن ؟! .. تأخر الوقت وأنا متعب جداً ..
شجون بتمعظ: حسنا عزيزي .. سأتركك لتنام ..
أحلام سعيدة ..

هذه هي حياة شجون وخالد .. مليئة بالحب والاحترام من قبل الطرفين .. الحب الذي تكلل بطفلة هي الآن في السنة الثالثة من عمرها .. تقضي أغلب وقتها في منزل جدها والد شجون..
شجون في السنة الثانية والعشرين من عمرها .. لم تكن لديها رغبة في إكمال تعليمها بعد الثانوية .. وقبلت بالزواج من خالد من أجل أن تتخلص من إلحاح والديها في إكمال تعليمها .. وذلك دون أن تعرف عنه أي شيء ..
باختصار تزوجته زواج غفلة ..

شجون شخصية حساسة جدا .. ومع هذا فيها روح مرحة .. ورقة.. وطيبة بلا حدود .. وهي إنسانة متسامحة جداً لأبعد حد .. وذكية جداً.

الدكتور خالد في الخامسة والثلاثين من عمره .. شخصية جذابة .. مرحة في المنزل ..
أما في العمل فهو شخص آخر تماماً .. يتسم بالجدية في كل عمله .. ولا يقبل بالتهاون فيه ..
وعلاوة على ذلك, فهو طبيب ناجح حاصل على شهادات كثيرة في مجال الطب ..

مر خالد بتجربة زواج قبل شجون .. وفقد زوجته هيام وابنته العنود في حادث سيارة .. لذلك سمى ابنته الثانية العنود .. كان يحب هيام لدرجة الجنون .. ولكن قَدَرَالله فرق بينهما بذلك الحادث الشنيع الذي فقدها فيه , واعتزل العالم لمدة ثلاث سنوات .. صار شكله فيها أكبر من عمره بعشر سنين للذي لا يعرفه .. إلى أن رأى شجون في المستشفى عندما كانت مريضة .. ولم يكن هناك طبيبة .. فاضطر للكشف عليها .. رأى فيها هيام التي افتقدها وأصبح حاله جحيماً لا يطاق من بعدها ..
تأكد في قرارة نفسه أنها هذه هي التي ستخرجه مما هو فيه ..
فلم ينتظر طويلاً .. بل تقدم لخطبتها من أبيها .. والذي كان يعرفه عز المعرفة .. ولم يبد أي اعتراض عليه .. لكنه طلب أن يمهله حتى يسأل صاحبة الشأن ..
أما شجون دون أن تعرف من هو المتقدم لها .. وافقت بسرعة حتى تتخلص من الإلحاح في إكمال الدراسة!! ..

اكتشفت شجون زواجه السابق .. الذي كانت لاتعرف عنه شيئا .. وذلك عندما كانت في المكتب تقلب في أوراق خالد .. ورأت صورته ومعه هيام في يوم زفافه .. ورأت رسائل من كلا الطرفين مكتوبة في أغلب صفحات الكتاب ..
فقدت قدرتها في السيطرة على نفسها .. أيعقل هذا؟! ..
خالد متزوج دون علمي؟!..
ومن هذه التي يبديها علي؟! ..
حسناً .. أنت من أعلنت الحرب على نفسك .. وسأريك من هي شجون التي ضحكت عليها أنت ووالدي ..
لكن سرعان ما عادت لوعيها عندما تذكرت أنها وافقت عليه دون أن تعلم عنه شيئاً .. ولكنها قررت أن تلعب لعبتها عليه ..
وهي أن تضع له كل يوم رسالة في حقيبته التي يحملها معه إلى المستشفى .. وذلك من الرسائل التي كانت تكتبها له هيام ..
وبالفعل بدأت اللعبة من أول يوم ..

************

في المستشفى فتح خالد الحقيبة ورأى الرسالة .. قرأها وكاد يجن .. كيف وصلت هذه الرسالة إلى هنا؟!

مرت أيام على هذه الحال وشجون تضع له كل يوم رسالة. حتى أيقن خالد في داخل نفسه بأن هيام مازالت على قيد الحياة .. أصبح خالد ينادي شجون بهيام دون وعي منه .. وشجون مستمرة في لعبتها .. وتمثل الدور بعبقرية بالغة ..

اشتعلت نار الغيرة في داخل شجون من هيام .. وحز في خاطرها أن يناديها بهيام في أكثر من مرة ..
وأكثر من هذا لمحة الحزن في عينيه كلما رآها .. وتنهيداته التي تذيب الصخر ..
ندمت شجون على ما فعلته .. لكن بقيت أسئلة تدور في بالها ..
من هي هيام ؟! .. وأين ذهبت؟! .. ولم يحبها خالد بهذا الشكل؟! ..
لدرجة أنه يناديني باسمها؟!
لم تسمح للأفكار أن تغزوها أكثر .. بل توجهت له بصريح العبارة ..
وهو جالس على مكتبه يراجع أوراقاً بين يديه ..

خالد!! .. أنت تحب هيام!.. وتزوجتني لأنك ترى أنني أشبهها .. أليس كذلك؟!

نظر خالد إليها بتعجب .. وأسند رأسه على الكرسي وهو ينظر في الفراغ .. كمن يبحث عن شيء مفقود .. وتنهد بألم:
آآآآآه ....يا ......هيــــ....شجون..
جددتِ علي المواجع ..
هيام ماضٍ .. وأنت ..
(قاطعته بسرعة): أنا ماذا؟! ..
أنتِ الحاضر .. والمستقبل..
أنتِ الآن عيني التي أرى بها من بعد ما فقدت بصري لعدة سنوات ..
وأنا أحاول الآن جاهداً أن أنسى الماضي ..
لِم ذكرتني به يا شجون؟.. لِم ؟..
لِم لَم تتركيني كما أنا؟
شعرت شجون بقشعريرة تسري بجسدها من كلام خالد ..
قام خالد من مكانه واتجه إلى حيث كانت شجون واقفة .. نظر إليها بحزن وأمسك بيدها .. واتجه إلى الكنبة في طرف المكتب .. جلس وأجلسها بجنبه .. ولف يده حولها واضعاً رأسها على صدره ..
هل تحسين بنبضات قلبي يا شجون .. هزت رأسها بأن نعم ..
هذه النبضات هي أنتِ .. أنتِ يا شجون .. لا تعتقدي بأني سأبقى عائشاً على ذكريات مضت .. استشف منها الحزن والألم .. لا ..
أنا الآن شخص آخر .. شخص لا ينبش في الماضي .. بل يعيش الحاضر .. وينظر للمستقبل .. شجون ..

(رفعت شجون رأسها باهتمام وقد ركزت نظراتها في عينيه كأنها تحثه على الإكمال) ..
هيام ماضٍ وأنتِ الحاضر .. هيام ذهبت .. وأنتِ الباقية ..
أريدك أنتِ كما أنتِ .. لا أريد أن أراك نسخة من هيام .. لأنك شيء .. وهيام .. آآآه .. شيء آخر .. يختلف تماماً عنك .. الذي أريدكِ أن تعرفيه أنني كنت متزوجاً قبلكِ بها .. ولي منها
طفلة اسمها العنود .. وهذا الشيء أنتي لا تعلمينه .. لأنك باختصار وافقت علي دون أن تعرفي أي شيء عن ماضيّ ..
والذي حصل إنهما توفيتا في حادث أصابنا عندما كنا عائدين من إحدى السفرات .. وانتهى كل شيء سوى الذكرى التي تلازمني ولا تكاد تبارح مخيلتي .. إلى أن أراد الله لي أن أطوي صفحة الماضي
وأعيش لحاضري ومستقبلي .. الذي كاد يضيع من بين يدي ..
أعادت شجون رأسها إلى صدر خالد .. وقالت: هل أفهم أن هيام لا تعني لك شيئا الآن..؟
مسح خالد على شعرها بلطف وهو يبتسم بمرارة
وقال

"سأتركُكْ
واعذرني
لم أكن أنوي الفراق
لكن..هذه هي الأيام وفعلها
وهذا ما أراده الله
إفتح صفحة مع غيري وعش أيامك الحلوه
هي شهور مرت بحلوها ومرها
اسمح لي
مجبرةٌ على الفراق"

هذه الكلمات قالتها هيام في آخر مرة زارتني فيها يا شجون..
شجون بحيرة! .. هيام تزورك وهي ميتة؟!
ابتسم خالد .. نعم كانت تزورني في الحلم كل يوم .. لكن بعد هذه الكلمات .. لم أرها إلى يومكِ هذا ..
تعلمين لماذا؟!..
لأنها تريدني أن أعيش وأكمل حياتي بدونها .. لا تريد أن تكون
سبباً في تعاستي من بعد موتها ..
وقد أثرت كلماتها بي .. (يٌبتسم وسط دموعه) آآآآآه...
وها أنا خرجت مما كنت فيه .. ورزقني الله بك .. وعوضتني عما فقدته .. ووجدت لديك كل الحب .. الذي لم أتوقعه .. ولم أفكر به يوما من بعدها .. والعنود التي أرى جمال الكون بها تماما كأختها (رحمها الله).
شجون .. أريدك أن تنسي هيام .. ولا تحملي في قلبك عليها أي حقد أو غيره.. هي تركتني لك .. وأنا أعدك بأن لا أتخلى عنك .. مادام قلبي ينبض بالحياة .. أعدك ..

على هذه الذكرى نام خالد في تلك الليلة وابتسامة مرتسمة على شفتيه ..
وهو يحمد الله أن عوضه عما فقده بشجون والعنود اللتان ملأتا عليه حياته ..

ابتسمت شجون لمرأى زوجها الحبيب وهو نائم .. غطته جيدا وقبلته على خده بحنان ..
جلست بجانبه .. تتأمل قسمات وجهه .. يبدو كطفل وليس أي طفل .. طفل في الخامسة والثلاثين من عمره ..

**********
الجزء الثاني

استيقظ خالد من نومه فزعا ..
من ياترى الذي يتصل في هذا الوقت المتأخر من الليل ؟!..
نظر إلى جانبه فوجد شجون قد استيقظت وهي تنظر إليه بقلق ..
أخذ هاتفه النقال وهو يحاول أن يزيل التوتر الذي اعتراه ..
نعم .. نعم .. الآن .. حسنا .. حسنا .. أنا آتٍ الآن ..
نهض خالد مسرعاً .. بدل ملابسه وخرج من الغرفة ..
نادته شجون ولحقته قبل أن يخرج .. خالد؟! .. خالد؟! .. انتظر.. إلى أين أنت ذاهب في هذا الوقت المتأخر من الليل؟!
خالد بتوتر: إلى المستشفى .. يوجد حالة طارئة ولابد من إجراء عملية مستعجلة.

ردت عليه وهي قلقة: أتمنى لك التوفيق وأعادك الله لبيتك سالما..

خرج خالد .. وسرعان ما عاد من عند الباب وهو يحمل في يده وردة بيضاء اقتطفها من حديقة المنزل ..
أعطاها إياها وأرسل لها قبلة في الهواء وخرج مسرعاً..

عادت شجون إلى غرفتها.. وبنشوة تنظر إلى الوردة .. مرة تشمها .. ومرة تضمها إلى صدرها .. خانتها دمعة انحدرت من عينها لا تعرف لها سببا .. استلقت على سريرها .. وأخذت دفتر مذكراتها وكتبت
ما يختلج في صدرها ..

"على أوراق زهرية .. وبحروف ذهبية .. بكلمات بالحب مطلية .. وورود حمراء جورية .. ابعث إليك عزيزي ألف ألف تحية .. مرسومة في قلوب فتية .. منقوشة على صخور بحرية .. يداعب طيفها ابتسامة طفولية .. ارتسمت ملامحها في عيني تلك الحورية ..
زوجي الحبيب ..
كلماتي عاجزة عن صوغ عباراتي ..
ولساني متلعثم عن تحديد مجالاتي .. ولكني سأوجز لك بالآتي ..
أحبك .. وقد تغنت بحبك في قلبي كل خلية ..
أعشقك .. وترنمت بعشقك بؤبؤا عيني ..
أحبك يا خالد لاحرمني الله صدق محبتك
المخلصة ..
شجون"

نامت شجون وهي تضم دفترها في حضنها وقد وضعت الوردة داخله ..

**********

الجزء الثالث

فتحت عينيها ودمعة حزن قد انحدرت من مقلتيها ..
كانت تنظر إليه بأسى وحاجة إلى الحب والأمان .. بكت في حضنه بمرارة ..
أبي .. أرجوك قل له أن يعود .. لم ذهب وتركني؟..
ماذا فعلت له؟! .. بماذا أغضبته؟! ..
هو قال لي بأنه لن يذهب وسيبقى معي ..
أرجوك أبي أرجوك .. أعده لي .. كيف سأعيش من دونه ..
أين أنت يا خالد ..
تعال لترى كيف يفترون عليك ..
يقولون لي بأنك مت .. وأنت على قيد الحياة .. هيا .. تعال كذّب ما قالوا .. هيا خالد .. أرجوك..
أنا لا استطيع الحياة بدونك .. أرجوك عد ..
أرجوك أبي .. خذني إليه .. أريد أن أراه .. لاتقل لي بأنه مات ..
لالا ..
خالد لم يمت .. أنتم تكذبون علي ..
أرجوك أبي قل لي بأنكم تمزحون علي.. أرجوك ..

أعادت رأسها إلى حضن أبيها وهي تجهش بالبكاء .. وهو لا يملك حيلة غير أن يمسح على رأسها ويقرأ عليها علّها أن تهدأ..

هذا هو حال شجون منذ شهر من وفاة خالد حينما خرج للمستشفى
في تلك الليلة ..
حيث أصيب في حادث سيرٍ توفي على إثره على الفور ..

خرج والدها من عندها وهي على حالتها من البكاء ..
جاءته حفيدته العنود .. ضمها الى صدره .. وانحدرت دمعاته على خديه ..
أخذت العنود تنظر إليه باستغراب ..
وبحركة طفولية مسحت دموعه وهي تبتسم ..
لم يستطع أن يمسك نفسه أكثر .. ضمها إلى صدره بقوة أكبر
وهو يبكي ويفكر .. كيف أخبرك بأنني أبكي على حال أمك وحالك ..
كيف لك أن تفهمي بأن أباك الذي تسألي عنه دائما
لم يعد على ظهر الأرض .. بل صار في بطنها ..
كيف ستتحملين أنت وأمك مرارة الفقد؟.. كيف؟ .. كيف؟..
لم يكن رد فعل العنود سوى البكاء مثل جدها الذي لا تعرف سبب بكائه..

شجون التي لم يكن لديها شيء تفعله سوى البكاء .. هزلت .. شحب لونها .. وظهرت الهالات السوداء حول عينيها ..
حقيقة لم تكن في وعيها .. أصبحت مهووسة بشيء اسمه خالد ..
ترى طيفه في كل مكان .. يمر بها في كل لحظة ..

كانت جالسة على سريرها بأسى عندما دخل عليها أخوها سعود الذي يكبرها .. وهو مشفق عليها وما وصلت إليه حالتها ..
جلس بجانبها ..
نظرت إليه بعينين دامعتين وأرخت رأسها
وأغمضت عينيها قائلة: ذهب يا سعود .. ذهب دون أن يخبرني ..
لم يفعل بي هكذا؟.. ماذا فعلت له؟.. قل له بأني أحبه ..
قل له بأني لن أغضبه أبدا .. ولكن ليعد لي .. أنا في حاجته أرجوك أرجوك ..
لم لا ترحموني؟..
لم جميعكم ضدي ..
ألا تريدون راحتي وسعادتي ..
أرجوك .. أرجوك ..
وضع يده على يدها: أرجوك أنت شجون..
امسحي هذه الدموع .. وعيشي يومك .. لاتقتلي نفسك بشيء ذهب ولن يعد .. نحن نريدك والعنود في حاجتك .. لا تفقديها حنانك .. كما فقدت حنان أبيها .. كوني معها .. لن تفيدك الدموع شيئا .. ولن يرد الحزن شيئا مفقودا ..
تنهدت شجون بعمق واسترسلت في ذرف دموعها بصمت..
ثم استحالت إلى سيول يتبعها شهيق و نياح .. وكأن خالد مات للتو ..
لا فائدة منكم .. لا أحد يريد أن يعيده لي .. جميعكم تكرهونني ..
أنا سأبحث عنه.. وسأعيده.. بنفسي
قامت شجون واقفة ولكن سرعان ما فقدت توازنها.. حاول سعود مساندتها لكنها سقطت بين يديه مغشيا عليها كالورقة الذابلة ..

جلس سعود وأمه وأبوه بجانب شجون .. ماذا بيدهم فعله لها ..
رافضة تماما أن خالد قد مات ولم يعد على قيد الحياة .. استرقوا النظرات ..
وكل واحد منهم يهز كتفيه .. علامة العجز عن وجود حل ..
اغرورقت عينا سعود بالدموع وسحب نفسه تاركا أمه وأبيه
في حيرتهما حيال ابنتهما ..

قالت الأم: ابنتي شجون .. لم تفعلي بنفسك هكذا ..
لا تظني بأننا نكرهك ..
أنت نور عيني .. وحياة قلبي ..
هيا .. انهضي يابنتي .. عودي كما كنت ..
أعيدي ضحكتك التي كنتي تطربينا بها ..
أعيدي تلك الابتسامة التي تزيل عن النفس العناء..
لا توجعي لي قلبي أكثر مما هو عليه .. أرجوك يابنتي ..
انخرطت الأم في بكاء مرير على ماوصل إليه حال ابنتها
رد عليها أبو سعود وقد أثقل الهم قلبه على بكاء زوجته وحال ابنته:
هيا يا أم سعود دعيها ترتاح وسنحاول معها لاحقا..
مع أن الكلام لن يفيدها شيئا ..
دعيها وهي بنفسها ستقتنع وتعود ..

كانت شجون تسمع كل شيء وتتصنع النوم حتى يخرجوا من
عندها .. وبمجرد خروجهم بدأت بالبكاء مرة أخرى ..

انقضت ستة أشهر ولاشيء جديد في حياة شجون ..
ملت شجون من نفسها ومن كل شيء حولها ..
اقتنعت تمام الاقتناع أن خالد ذهب ولن يعد ..
إذن .. فلماذا أبقى على ما أنا عليه؟! ..
لابد أن أغير نمط حياتي ..
لابد أن أعود كما كنت شجون التي يحبها الجميع ..
لكن؟! ..
هل سأستطيع فعل ذلك؟!
لا .. لا أظن ذلك .. لا استطيع..
وقفت شجون أمام المرآة .. حزينة كئيبة ..
فجأة .. تسمرت عيناها على الباب المنعكسة صورته على المرآة حينما رأت الواقف خلفها يقول ..
"يتجدد اللقاء..
كم أنا مشتاق لدفء يديك""
فتحت عينيها على وسعهما كي تتأكد ..
لقد كان خالد!! .. نعم .. خالد!!
إذاً .. كان هذا مقلب من مقالبهم .. إلتفتت إلى الخلف بدهشة وفرح .. ولكنها انصدمت لأنها لم تر شيئا ..
لقد كان خيال خالد فقط!!
لكن كلماته مازالت تتردد في أذنها..

بنظرات كسيرة عاودت النظر الى المرآة ..
حتى أنت ياخالد؟!..
لماذا كلكم ضدي؟
ما الذي فعلته لكم؟ .. وبعصبية بالغة رمت كل ما على الطاولة على الأرض وهي تبكي بصوت عالي .. لم يا خالد؟ .. لم يا خالد؟ ..
مالذي فعلته حتى تعاقبني؟ .. لماذا ذهبت؟ .. لماذا؟ ..
أنا أكرهك .. أكرهك ..
أكرهكم جميعا .. ولا أريد منكم رحمة أو شفقة ..
ولا أريد منكم شيئا ..
لاشيء .. لاشيء ..

هدأت بعض الشيء وأعادت النظر إلى نفسها في المرآة بتأمل ..
وبصوت حزين قالت: أيعقل هذا؟!
هل هذا أنا ؟
لا..لا..
أنا كهذه؟!! .. وأشارت الى صورة لها معلقة على الحائط ..
هذه شخصية أخرى لاتمت لي بصلة .. أبدا..
ثم نظرت إلى المرآة مرة أخرى..

دخل أبوها الغرفة وسمع كلامها ..
قال: بلى شجون .. تلك أنتِ .. وأنتِ من فعل هذا بنفسك ..
تظنين أن الحزن والبكاء سيرد لك زوجك خالد .. مستحيل ..
تعتقدين أننا نستهزئ بك .. ماذا سنستفيد من الاستهزاء بك ؟ ..
أن نراك تذبلين أمامنا دون أن نفعل لك أي شيء ..
ردت شجون بتوسل "أبي أرجوك .. يكفي .. يكفي ..
لاأريد أن أسمع شيئا ..
أرجوك أبي..
رد أبوها: بل أرجوك أنت يا ابنتي ..
فكري في حالك وحال ابنتك .. التي لم تعودي تعرفي عنها شيئا .. كأنها لا تعني لك شيئا .. فكري جيداً يابنتي .. فكري جيداً..
أطرقت شجون .. فعلاً لن يرد الحزن شيئاً .. هنذا منذ زمن على هذا الحال .. لم يعد لي خالد! ..
لم لا أعيش حياتي كغيري؟! .. لم لا؟! ..
أنا بيدي كل شيء .. كل شيء ..
الجميع بانتظاري الجميع في حاجتي .. لكن؟!
ليس بيدي .. لا استطيع .. لا استطيع ...
ولكن؟!..
وقفت أمام المرآة مرة أخرى .. وبنظرة تحدٍ مليئة بالدموع قالت:
بلى.. استطيع .. بلى.. استطيع .. وسأثبت للجميع ..

نظرت في المرآة ثم أشارت إلى الصورة وهي تقول:
أنا هذه ..
نعم أنا هذه ..


**************

في صالة الجلوس كانت العنود نائمة على الأرض والألعاب منتشرة حولها..
خرجت شجون من حجرتها بعد أن قررت أن تعود كما كانت..
نظرت إلى ابنتها وهي نائمة على الأرض ..
حملتها وجلست على الكنبة .. وهي تمسح على شعرها بلطف .. وكأنها تعتذر عن إهمالها لها طوال الفترة الماضية ..
استيقظت العنود ونظرت إلى أمها .. تأملتها لبرهة
وقالت وهي تدس رأسها في حضنها: أحبك ماما لا تذهبي عني..
شجون تحطمت في نفسها!! .. أيعقل هذا؟!!..
لهذه الدرجة كنت بعيدة عنها؟!..
كانت تحس بالفقد مثلي تماماً .. لكن الفرق أنني استسلمت ..
وهذه الصغيرة مازال لديها الأمل في عودتي لها ..
آآآآآه يا صغيرتي ..
سامحيني .. سامحيني .. أخطأت في حقك كثيراً .. سامحيني ..
أنت ما تبقى لي .. ولن أفرط فيك أبداً أبداً ..
ها أنت دخلت الرابعة من عمرك ولم أفرح لك ..
ولم أكحل عيني برؤيتك تكبرين أمام ناظري ..
ولكنني أعدك ..
أعدك بأن لا أتخلى عنك أبداً..
ابتسمت شجون بحزن وقالت:
أبوكِ وعدني بأن يبقى معي ولا يتركني وحيدة ..
وهاهو قد رحل .. ولم يعد .. وأخلف وعده لي ..
سبحت شجون في بحر أفكارها لفترة .. وهي تتأمل ابنتها التي
نامت في حضنها .. ولم تنتبه شجون لأمها التي جلست في المقابل لها تنظر إليها وتتحسرعلى حالها..
رفعت شجون رأسها و بتعجب: أمي؟! .. منذ متى وأنت هنا؟! ..
قامت أمها وجلست بجانبها وهي تنظر إليها ..
الحمد لله على سلامتك يا ابنتي.. ابتسمت ..
أتمنى أن تكوني أحسن حالاً الآن..
شجون: الحمد لله بخير ..
سامحيني يا أمي على ماسببته لكم من الألم ..
ما فعلته ليس بيدي.. ففقده ليس بالشيء السهل ..
أنت مؤمنة بالله يا شجون .. لا تجعلي الحزن يعصف بك ..
ذاك يومه وكلنا على نفس الطريق سائرون
سواءً رضينا بذلك أم أبينا .. فكري بنفسك وبطفلتك ..
اطردي هذه الأفكار من رأسك ..
استغفري ربك وادعي له بالرحمة ..

ساد الصمت لفترة من بعد كلام والدتها .. كلا منهما يفكر في شيء
قطعت شجون السكون بقولها:
أمي! .. أريد الذهاب إلى بيتي!!..
الأم بدهشة: ماذا؟! .. بيتك؟!! .. ماذا تريدين منه؟!..
أريد الذهاب هناك .. اشتقت له .. أريد أي شيء أحس فيه بوجود خالد معي .. أريد أن أرى ذكرياتي معه هناك ..
أريد .. وأريد ..
أريد كل شيء .. كل شيء .. أرجوك أمي لا تمنعيني ..


*********

الجزء الرابع

بعد إلحاح شديد على والديها.. ذهبت شجون لبيتها
وقفت أمام الباب ..
وبيدين مرتجفتين تمسك بمفتاحها .. أغمضت عينيها..
تتخيل لو أنها دخلت ووجدت خالد بانتظارها ..
وأن خبر موته مجرد حلم ..
هزت رأسها .. بـ لا .. لتطرد هذه الأفكار ..
يجب أن تؤمن بأن خالد ذهب ..
ذهب ولن يعود مرة أخرى ..

فتحت الباب , واستدارت لترى أخاها إن كان قد ذهب أو لا ..
رأته مستندا على سيارته ينظر إليها باهتمام ..
جاء نحوها وامسك بيدها وقال:
شجون حاولي قدر المستطاع أن تتماسكي .. لا تفعلي شيئا يضر بك ..
ولا تدعي للشيطان عليك سبيلا ..
أرجوك شجون اعتني بنفسك ..
ابتسم وأوصاها بأن تفعل ما أمرها به .. و أن تتصل به حال
انتهاءها من تنظيف المنزل حتى يحضر لها العنود ..

دخلت المنزل وأغلقت الباب .. أضاءت الأنوار وعلقت عباءتها بجانب الباب .. تلفتت يمينا وشمالا ..
كل شيء كما تركته تلك الليلة التي فقدت فيها زوجها خالد ..
آآآآآآآآه .. يا خالد ليتك معي الآن .. اشتقت لك كثيرا ..

بدأت رحلة الذكريات منذ دخولها المطبخ ..
على هذا الكرسي كان يجلس ويدلي بطلباته التي لا تكاد تنتهي .. شجون أريد عصيراً طازجاً .. احذري .. لابد أن يكون بارداً..
ولا تكثري من السكر حتى لايفقد طعمه ...
عزيزتي شجون ,أنا جائع هل بإمكانك إعداد شيء سريع ومفيد؟ ..
تعلمين أنني لا أحب الأكل عديم الفائدة ..
انتبهي شجون ,القدر سيحترق كم مرة قلت لك بأن تهدئي النار
عندما تكوني مشغولة بشيء آخر..
ابتسمت شجون وتذكرت كيف كانت تغضب عليه وتطرده شر طرده ..
فيعود ويعتذر ولا تلبث أن تطرده مرة أخرى وهي تضحك..

توجهت إلى الصالة الرئيسية
هنا مكانه المفضل أمام التلفاز بالضبط ..
الذي يراه في هذا المكان يقول بأنه شخصية مهمة
تتابع آخر الأخبار والتطورات .. ولا يدري بأنه ينام بمجرد أن يجلس
ويغط في نوم عميق كأنه لم ينم طيلة حياته ..

أوووووه .. هذه نظارته الطبية .. امسكتها برقة وأغمضت عينيها
وابتسمت عندما تذكرته حينما كان يضيعها ويبحث عنها كيف كان
يقلب المنزل رأساً على عقب .. ولا يترك شيئا في مكانه..
وفي الأخير يكتشف أنها على رأسه ويضحك على نفسه بعد
أن كان محرجاً من الغضب, ثم يأتي ليعتذر .. وكانت ترده بحجة أنه
جرح مشاعرها واتهمها بالإهمال..

تنهدت شجون وهي تنظر إلى المكتب .. حجرة الأسرار بالنسبة لخالد ..
مازلتِ في بداية المشوار يا شجون ..
استحملي ما سترينه وما ستتذكرينه ..
تقدمت بخطوات ثقيلة إلى مكتبه ..
ألقت نظرة استطلاعية سريعة ..
التفتت إلى اليسار حيث يكمن دولاب كبير مليء بالدروع والشهادات والأوسمة التي حصل عليها من المؤتمرات التي كان يحضرها .. والأبحاث والتقارير التي كان يكتبها..
كان كلما دخل إلى المكتب يتجه إلى هذا الدولاب وينظر إليه بغرور ويحادثه:
يبدو أنني سأتزوج دولابا آخر .. لأنك يا عزيزي كبرت في السن ..
ولابد من إحضار آخر أكبر وأجمل ليكفي الكم الهائل من الشهادات..
أنزلت شجون رأسها وقد خنقتها العبرة: ..
ذهبت يا خالد ولم تتزوج الدولاب الذي أردته ..
التفتت إلى الجانب الآخر حيث كانت صورته
معلقة وآخذه نصف المساحة .. اقتربت منها وهي تبتسم بحزن..
وحيتها تحية عسكرية كما كان يفعل خالد حينما يدخل المكتب
ومن ثم يضحك ..
جلست على كرسي المكتب
وأسندت رأسها عليه .. وأسبلت الدموع ..
وجعلتها تنساب بكل حرية .. علها تخفف من حزنها..
شد انتباهها الدرج الذي كان يمنعها من فتحه ..
بحثت عن المفتاح إلى أن وجدته ..
فتحت الدرج وجدت دفاتر وأوراق ملونة
عرفت أن هذه الدفاتر هي التي كان يكتب فيها ذكرياته ومواقفه ..
ارتسمت الحيرة في عينيها هل تفتحها أم لا؟
لم تحتر بل فتحت أحدها وأخذت تقلب الصفحات .. كل
الصفحات مكتوبة باللون الأزرق ماعدا صفحة واحدة .. كتبها باللون
الأحمر.. يا ترى لماذا هذا اللون .. خالد لا يحب هذا اللون بالذات..
تشجعت وقرأت ما كتب دون ترد
"ما أحلى الذكريات وأروعها.!!
حين تكون لأشخاص يستحيل أن يغيبوا عن البال
كروعة النجم الوضاء في
سماء الليل الدامس الظلام..
قلوبهم كصفاء الثلج وبياضه حين يتساقط على قمم الجبال ..
وأخلاقهم تسمو وتسمو حتى تصل صفحة السماء ..
أحاديثهم كبسلم يشفي الجريح ..
ويغدق عليه من الطيب ألوانا ..
نادرين مثل اللؤلؤ في داخل المحارة
لاتجدهم دائماً..
وإن وجدوا فإنهم غاليي الثمن.. أغلى من الذهب الصافي
نذكرهم فنأنس بذكرهم ونبتسم في داخلنا
حين تمر طيوفهم في خيالاتنا..
ونشتاق لإطلالتهم في كل موسم فرح
ونحتاجهم في حين تغمرنا سحابة حزن..
نفديهم بكل مانملك, ولو طلبوا أعيننا
لانمانع في ذلك
قد غابوا.. ولكنهم موجودون في سويداء القلب..
(رسالة وفاء إلى هيام)

أغلقت شجون الدفتر وهي مصدومة ..
وضعت رأسها على المكتب
وهي تجهش بالبكاء بصورة هستيرية ..
استمرت على هذا الحال لفترة ..

قامت .. وبخطى متثاقلة .. خرجت من المكتب متجهة إلى غرفة النوم .. توقفت في منتصف الصالة ..
تذكرته عندما كان يلاعب العنود على الأرض
ويبعثرون الألعاب .. وعليها بالتالي تجميعها
وإعادتها إلى مكانها .. ومن ثم تنظيف الصالة ..
مسحت دموعها بظهر كفها .. وأكملت طريقها .. ودخلت غرفة النوم ..
فتحت دولاب خالد .. وانتشرت رائحة عطره ..
أخذت أحد ثيابه وضمته وهي تتنهد .. ليتك معي يا خالد ..
أين أنت يا خالد .. احتاج إليك عد أرجوك ..
انتبهت لألبوم الصور الموضوع على الرف ..
جلست على كرسي التسريحة وهي تتأمل الصور الموضوعة بداخله ..
أخذت صورة لهيام .. نظرت إليها بحزن
وبصوت متهدج بالبكاء ,الذي أصبح جزء لايتجزء من حياتها:
سامحيني يا هيام وعدتك بأن أحافظ على خالد
وأن لا أدعه يذهب .. أو أن يصيبه مكروه ..
لكن؟! .. لم أوف بوعدي لك .. أخلفت وعدي .. وأقر بذلك
(فقدت أعصابها وبدأت بالصياح)
لكن! .. ليس بيدي .. ليس بيدي ..
ها أنا أتألم لموته كما تألم هو لموتك ..
أنتِ أيضا خنتِه وخذلتِه وذهبتِ عنه وتركتيه في وحدته يعاني ..
لم فعلتِ به ذلك .. هل لأنه أخلص في حبه لك؟!
ذهبتِ عنه وتركته يعاني؟! .. أم لأنك تشكين في حبه لك؟!..
هاهو يثبت لك وقد جاء إليك .. لحق بكِ وتركني .. تركني وحيدة ..
(بدأت بالصياح بشكل أكبر وأخذت تهتز وترتجف كشخص واقف
في وجه إعصار عاتي)
لماذا يا هيام .. لماذا؟!..
أنتِ السبب في موت خالد ..
نعم أنتِ السبب .. ولن أسامحك ..
أنا أكرهك .. هل سمعتي ..
أكرهههههههك ..
تعتقدين أنه لك وحدك لااااااااااااا .. خالد لي أنا أيضا..
لي أنااااااااا..

(سقطت شجون على الأرض من شدة البكاء ولم تستطع
الوقوف على قدميها)
آآآآآآآآه .. كيف سأتحمل أكثر من هذا؟؟
كيف سأعيش؟! .. من لي يواسيني؟!
من لي؟! .. لا أحد .. لم يبق لي أحد..
أعادت النظر إلى الصورة مرة أخرى بعد أن هدأت..
اعتذر منك هيام ..
ليس قصدي بأن أجرحك ..
ولكن؟! .. (وقد خنقتها الدموع)
ليتكِ تشعرين بالذي أشعر به ..
ليتكِ تحسين بمقدار الألم الذي أحس به .. كنتِ عذرتني لما أفعله..
جلست برهة وهي تتأمل الصورة ..
خالد أوصاني بأن لا أحمل في قلبي عليك ...
لكن؟! ..
أنا؟! ..
من لي؟! ..
سوى الذكريات..

تحاملت على نفسها ووقفت .. أعادت الصورة إلى مكانها وأغلقت الدولاب .. واستندت عليه بتعب..

جلست بتثاقل على السرير وهي تضم دفتر مذكراتها الذي كان
بجانبها كما تركته تلك الليلة والوردة بداخله
استلقت على سريرها ناشدة الراحة عل وعسى أن تهدأ نفسها مما مر بها في هذا اليوم المرير المليء بالكثير من ذكريات خالد..
ضمت دفترها وغطت نفسها ..
وغطت في نوم عمييييييييييق.. ودمعتها معلقة في عينها..


******

الجزء الأخير

شعور غريب اعتراها .. شعور بالدفء .. بالأمان .. بالطمأنينة..
حاولت أن تفتح عينيها .. لكن خافت أن تكون في حلم
وتفقد هذا الشعور ..
يد حانية تمسح على شعرها ..
يا ترى كيف دخل أبي إلى المنزل وهو لا يملك مفتاحا..
حاولت تمييز الذي بجانبها من رائحته التي تعج في المكان..
أخذت تستنشق عطره..
وكأنها تبحث عن هذه الرائحة منذ زمن ..
فتحت عينيها بعد أن تأكدت من إحساسها
وأنه ليس بحلم ..
ابتسمت بهدوء ورفعت رأسها لتتأكد من شعورها ..
نظرت إليه بلهفة وشوق ..
وضعت رأسها في حضنه..
وأحاطته بذراعيها وقد دمعت عينها ..
وقالت بهدوء: أخيرا عدت ياخالد؟!
مسح خالد دمعتها وهو يضمها إلى صدره
وقد ارتسمت الحيرة في وجهه ويردد بتساؤل: أخيراً؟!..

قالت شجون:

الحمدلله إنه .. حلم


انتهى

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:30 pm

قصة واقعية الطموح ينسينا الجروح
الدكتورة شيماء الدويري

بسم الله الرحمان الرحيم
لطالما سمعنا عن قصص النجاح التي كانت بدايتها بسيطة لاشخاص نجحوا في تخطي العقابات و تجاوزوا العديد من الازمات و المحن و تمكنوا بمثابرتهم و عزمهم من صياغة قصص نجاحهم و من بين هذه القصص قصة طفل استطاع بالجهد و العمل و بالفكر و الابداع ان ينقش اسمه الامع علي لائحة النجاح و التميز هو احدي اشهر و ابدع مصمم مجوهرات بتونس

و سننتقي من تجربة هذا الطفل الكثير من النصائح و الدروس المستفادة
دعوني ابحر معكم في قصة غريبة نوعا ما لكنها مشوقة جدا قصة طموح قصة نجاح قصة واقعية سجلتها لكم بعد ان كان لي لقاء معه وهو والدي الله يحفظه و حينما اخبرته انني اجري دراسة لؤكد ان النجاح الكبير ينطلق من خلال فكرة تحلق في الخيال تفاعل معي حيث انني استمتعت بحلاوة و لذة الشهد وهو يقطر من فمه و حلاوة الفخر و النجاح تحدث معي بكل صراحة و اهدي الينا صفحات من صفحات حياته المليئة بالتعب و المعاناة حتي طواها بيد الفرج و اعقبتها صفحة بيضاء سطورها الامل و الفخر و النجاح و هذه القصة هي تأكيد لقول الشاعرسعيد حمد :
كم فرجة مطوية ..... لك تحت اثناء النوائب
ومسرة قد اقبلت ..... من حيث تنتظر المصائب
لقد حركت في نفسي هذه القصة مشاعر لست ادري معناها و لم افهمها انما استطيع ان اصفها بكلمتين اشفاق و في نفس الوقت فخرا كبيرا لي و كان كلامه معي ينهال كالماء العذب ارسل علي النار و من خلال حديثه معي كان و كأنه يؤكد و يقول :
ان الطريق الاول للنجاح هو الايمان به و تحمل المسؤولية

لقد اثرت عليا هذه القصة كثيرا و جعلتني اصحح شيئا من مسار حياتي فأتمني لكم الاستفادة و النفع لنبحر في تفاصيل القصة التي تتحدث عن تجربة هي اكثر تألقا و طموحا .
ولد الطفل في مدينة المرسي بتونس و كان الاصغر بين اخوته و اتصف منذ صغره بالجدية اذ كان يمضي اوقات فراغه في صناعة اي شئ يخطر بباله لم يكن ميول للعب مع رفاقه ولم يكن له رفاق

عندما كان طفل كان يدرس في المرحلة الابتدائية و لكنه لم يتمكن من التواؤم مع استاذه و المدرسة عموما و كثرت مخالفاته لاوامر استاذه و اهمال دروسه اذ كان المدرس يعاقبه بالضرب الشديد و مع نهاية الفصل الدراسي لم يحصل علي اي نتيجة كان متأخرا في دراسته حتي ترك المدرسة و لم يتخطي عمره 14 عاما لم يتابع دراسته بقدر متابعته لطريق الابتكارات و المواهب المتعددة التصقت شهرته بشهرة موهبته و قدرته علي الابداع في مجال تصميم المجوهرات الذي يمكن وصف بدايته البسيطة بالاسطورة نوعا ما و قصته ابتدئت عند خروجه من المدرسة بالاتجاه نحو عالم غامض بعزيمة قوية و اشرق الصباح و اشرق معه الطموح في نفسه فأنطلق يبحث عن محلات تفتح له ذراعيها حتي يعمل فيها اي شئ و اخيرا بعد طول بحث تهلل وجهه ووجد فرصة عمل كعامل بسيط في احدي محلات تصميم المجوهرات عمل مناسب علي الاقل في ذالك السن تضمن ان يشاهد المصممين وهم منشغلين في عملهم و هنا بالتحديد ولدت في نفسه فكرة ان يكون مصمم موهوب و ينجح
كان يعمل بعزيمة كان يعمل بنشاط و يقبل علي التنظيف المحل و المساعدة و قضاء الحاجات و كأنه صاحب المحل كان يعمل كل يوم من الصباح و حتي المساء بجهد و اقبال علي العمل
رغم انه كان يتلقي الضرب و الاهانات و كان يحاول ان يتذكر ذنبا جناه فما وجد و تمر الايام قاسية ففكر و رسخت في عقيدته فكره انه اذا اراد ان يتعلم فلا بد له من التضحية و عملا بقول الشاعر القائل :
صابر الصبر الصبور حتي قال الصبر للصبور دعني
لذاكان يعلم ان حلمه يتطلب صبرا عظيما و عدم اليأس , كان ينظر الي التصاميم امامه ويراها امرا مذهلا و غامضا ووجد نفسه عاجزا عن معرفة ذالك اللغز المحير و في عمر 19 قرر بشخصيته المستقلة السفر الي فرنسا كان يعشق السفر ورجع يحمل الفكرة في ذهنه
وعاد الي العمل و التحق للعمل عند احد المصممين كمساعد له بحيث يتسني له تطبيق فكرته و اثبت اول نجاح له في تصميم خاتم الا انه لم يكن يرقي للمستوي المرجو لكنه قرر اعتباره تجربة اولية و بداية ناجحة لعملية انتاج خاتم و بالفعل واصل العمل
مضت السنوات مسرعة و كبر الطفل و كبر حلمه كانت اول انطلاقة له في هذا العالم وهي تطبيق فكرته و هي احياء المجوهرات التقليدية التونسية التي فقدت في ذالك الوقت ليحلق في خياله و يمضي نحو عزيمة تملكه
بدأ يرسم كل فكرة تصميم تخطر بباله و ينظر الي افكاره فلا يري انها رسم علي ورق انها يري فيها حلمه وهدفه
لم تخلو حياته المهنية من الاتهامات و الانتقادات المصممين و التجار حيث اوحوا اليه بان نجاحه مستحيل و كان يقاوم تلك الفكرة و يرفضها نهائيا و يعرف ان نجاحه الحقيقي يكمن في ايمانه بقدراته علي النجاح
اوقف و تحدي كل تفكير سلبي و كل تأكيد لبؤسه انكر الملموس و اكد النجاح استطاع ان يصنع ذاته عند اول فكرة حلقت في خياله الي هدف يراه بعينيه يخطو اليه يوما بعد يوم و استمر في التدريب علي التصميم حتي اتقن مهنته
و مع ذالك قهر بكل قوة و عزيمة و اصرار علي النجاح مشاعر اليأس و الظروف الصعبة التي عاش بها
لنقف قليلا قبل ان نتابع سرد القصة لكم سؤال لكل متابع معي و قارئ و من احس بهذه القصة و كلماتها التي تنطق عن تجربة و معاناة و تتحدث عن طموح و عزيمة و رغبة لذالك كانت صادقة
من اين بدأ هذا الطفل رحلته مع صناعة ذاته و النجاح في حياته؟
بدأ بفكرة خيالية دارت في عقله الصغير و الاغرب من هذا كله ان نجاحه الكبير لم يكن الا من ميزة احس بها في نفسه تلك الميزة كانت كفيلة بان يقدم علي المغامرة بروح مرحة و ان تعطيه نتيجة و عقيدة بان بعد كل كبوة هناك امل جديد في مستقبل افضل لو نظر هذا الطفل علي انه فاشل امكانياته ضعيفة و اقتنع بكلام من هم حوله لتحطت حياته و لكنه نظر الي نفسه من الزاوية المشرقة انه انسان لديه ميزات خاصة يمكنه بقدرة تفكيره المبدع ان يكون الافضل و يتحدي كل مصمم و ينافس اكبر المصممين
دعوني اسئلكم سؤال او بالاحري كل منا يسأل نفسه و خصوصا الناس الذي يفترضون انهم فاشلين امكانياتهم ضعيفة
ماهي مميزاتي ؟ و هل نستطيع ان نكون الافضل ؟ هل نظر احدنا يوما الي المرٍِِآة ؟
بالتأكيد اخر مرة نظرتم فيها الي المرآة كانت اليوم صباحا ستقولون انكم وجدتم انفسكم اعلم هذا و لكن انا اقصد ماذا وجدتم فيها؟ ماذا رأيتم في انفسكم من ميزات؟
وبينما انتم مستغرقون في لذة كلامي معتبرين بحكمة احكامي سأكمل البقية
و بدأ هذا الشاب بالانتاج و تحويل افكاره الي واقع ملموس و حقق اول حلمه و بداية شهرته من تصميم طقم يحمل شعاره الذي اختار له اسم ( الخيالي ) و اعجب تجار السوق بهذه الموهبة الواعدة و منذ ذالك الوقت اثبت تفوقه و بدأ تكاثر الطلبات علي هذا التصميم الذي اثار ضجة كبيرة في السوق و حقق النجاح المرجو ليعد او ل تصميم حقيقي له و عمل هذا الشاب علي انتاج هذا التصميم و احسن صاحب المحل معاملته و اكرمه علي هذه الفكرة الناجحة و التصميم الرائع و ظل علي هذا الحال عشرين سنة من العمل المتواصل و الانتاج
اسمحولي لنقف هنا قليلا لاطلعكم علي سر ميزة رائعة اكتشفتها فيكم اريدكم ان تكتشفوها انتم ايضا في انفسكم ستسألون باستغراب و تعجب كيف عرفتي اننا نمتلك ميزة ؟ ستقولون ايضا بعد هذه التساؤلات كلام ليس صحيح اذهبي و اعملي علي القائها في مكان اخر ؟
اجيبكم فما دمتم تسألون عن ميزاتكم و تريدون معرفتها و مادمتم متابعين معي القصة فان ذالك يدل علي حياة قلوبكم و خير في نفوسكم و شعور الامل بعد ان كان بريقه في يوم من الايام قد غاب انتم تمتلكون ارادة صدقوني انكم تمتلكون ارادة غير طبيعية لقد عرفتم الان ميزاتكم والسؤال الاهم هو
ماذا نستطيع ان نفعل بميزاتنا ؟
نستطيع عمل الكثير و نكون اكثر من عاديين في خدماتنا للناس و للمجتمع
و استمر الشاب بالعمل حتي خطرت بباله ان يشارك في اختبار السنوي في مركز الصناعات التقليدية و اجتهد حتي حصل علي شهادة امتياز في هذه المهنة و لم يكتفي فقط بهذه الشهادة انما استطاع في تلك السنة ان يكون صاحب محل صغير و ركز علي هدف واحد وهو تحقيق النجاح المنشود لتصاميمه و بدأت احواله تستقر و بدأ في التطوير و انتاج و الابداع في تصميمه الذي يحمل اسم ( الخيالي ) و تحويل افكاره الي تصاميم مدهشة و بدأ يحتل مكانا لا بأس به في السوق و نمت مبيعات تصاميمه بشكل ملحوظ منذ العام الاول انما لم يكتفي بهذا فأستطاع ان يملك محلا اكبر بكثير بأحدث التجهيزات المستوردة مماسمح له بزيادة الانتاج و التطوير
و خلق نجاح الشاب الكثير من المنافسين لكنهم لم يتمكنوا من النجاح في مواجهة المنافسة معه في انتاج و احياء جميع المجوهرات التقليدية
و تعرض الي ازمة ادت الي تراجع مبيعاته في ظل الكساد الكبير وبدأ في تلك الفترة في تقليل الانتاج و لكن بعد انقضاء الازمة استعاد ريادته للسوق من جديد
حيث صنعت منه هذه التجربة مصمم موهوب و منافس قوي و مبدع و متألق يحمل لقب المبدع من خلال تصاميم متألقة و من اشهر المهراجانات التي شارك بها و تمت دعوته من ضمن رجال الاعمال مهرجان دبي الدولي

لكنه لم يشعر حتي الان انه قد حقق جميع طموحه و اجمل معزوفة سمعتها في حياتي قوله
( الطموح انطلق من خيال يا ابنتي و بدأ بفكرة صغيرة وواصل رحلته بهدف ثم انتهي بنجاح ) و من هذا القول وقفت لاقدم اليه تحية اكبارا و اجلالا و احتراما و تقديرا
و فعلا قد تأكد لي و استنتجت من كلامه عن حياته انه لم يتحقق شئ عظيم الا من خلال هؤلاء الذين تجرؤا علي الاعتقاد بأن هناك شئ ما بداخلهم يمكنه التفوق علي الظروف

و بناء علي رأي ابو حكيمة الكاتب :
لعمرك ماكان التعطل صائرا --- و لا كل شغل فيه للمرء منفعة
اذا كانت الارزاق في القرب --- و النوي عليك سواء فأغتنم لذة الدعة
و اذا ضقت فاصبر يفرج الله --- ما تري الارب ضيق في جوانبه سعة

و هكذا انتهت قصة هذا الشاب و شرد الصبح عن الليل فاتحضت سطوره البيض في الواحة السود و كل من صادفه في بداية حياته من الاهل و التجار و اصدقائه و المصممين لم يتوقعوا منه ان يحقق كل ما وصل اليه اليوم في حياته
فكل من زرع حصد و من مشي وصل و من طلب وجد و الطلب لا يحصل الا بالمجاهدة

و اخر كلمة اقولها : كل من في الوجود يطلب صيدا غير ان الشباك مختلفات

الاصدار / جريدة البشائر المصرية
بقلم/ الدكتورة شيماء الدويري
كاتبة
اخصائية الطب النفسي و رعاية ادمان

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:32 pm

ربَّ أخ ...
د. آدم بمبا

عرفته بعد دقائق من وصولي إلى مكَّة المكرَّمة، دلَّني عليه أوَّل من لقيته من الطلبة الوافدين حين عرف أنني من جمهوريَّة رواندا. كانت الدَّقائق الأولى للقائنا شديدة الوطأة على نفسي؛ توجُّساً منه، كان يأسرني رغم حاجتي إليه في تلك اللَّحظة، حيث بشاشته في وجهي، واحتفاؤه بي. كانت أسئلته الكثيرة عن الصَّيحات العصبيَّة بين قبيلتَيْنا تزيد من وطأة الإحراج، فقد كان ينتمي إلى قبائل الهوتو وأنا أنتمي إلى الأقليَّة التوتسي.. قبيلتان قيل: إنَّهما عدوَّتان منذ الأزل! وكأنَّ ربّاً واحداً لم يخلقهما. ناوَلني شيئاً من الكعك ومن حليب بارد، قال: هيَّا لنبدأ بالبيت.
وفي الحرم كان هو مطوِّفي ودليلي في هذا المكان المفعم بالجلال، وفي المسعى بدا بقامته الفارعة وخطواته الواسعة كأنَّه في هرولة مستمرَّة بين الصَّفا والمروة، سبعة أشواط خضتها وأنا أعدو خلفه في سباق ماراثوني حقيقي.
وبعد عودتنا إلى السَّكن الجامعيِّ بالعزيزيَّة خلدت إلى نومة كأنها أطول من نومة أصحاب الكهف. استيقظت بعدها على روائح أطعمة مصفوفة وسط غرفته الصَّغيرة ومجموعة من الطَّلبة الذين أتوا لتهنئته بقدوم «أخيه الصَّغير». وعاتبه أحدهم:
- هيهْ! أكنت تخفي عنَّا قبول أخيك بالجامعة؟
- معذرة، لم تكن الأمور محسومةً تماماً هنا وهناك.
التفت إليَّ ساخراً، وقال:
- هاها.. إنه ولدٌ مهذَّب، أبشروا فلن تنزعوا منه كلمة واحدةً عن سوالف أخيه الأكبر.
ضحكاتٌ أتبعناها بالهجوم المكثَّف على كتيبة الطَّعام المصفوف، وعرفت فيما بعد أن من أسمائها: الكبسة، والدَّجاج المحمَّر، والزَّبادي، والشَّاورما، والكفتة، والزَّيتون.
ومنذ ذلك اليوم ومنذ السَّاعات الأولى لقدومي إلى مكَّة المكرَّمة؛ لم يشكَّ أحدٌ في أنني وكالوشا أخوان شقيقان قد ولدتنا وأرضعتنا وفطمتنا أمٌّ واحدة، وساعد في تصديق هذا الزَّعم ملامحُ وراثيَّة مشتركة بيننا من بشرة سمراء فاتحة، وقامة فارعة مثل شجر الباوبابْ الاستوائي، وعضلات مفتولة تشعرك بعمالقة في رفع الأثقال بما فيها الفيَلة الإفريقيَّة الضَّخمة.
وبعد تخرُّجه في علم الاقتصاد الإسلاميِّ عاد إلى الوطن ليتابع العمل في تجارة الماس والعاج. وهي مهنة ناجحة لدى أفراد عشيرته. وكان يستحثُّني على الإسراع بالتَّخرج واللِّحاق به في الأعمال. وبالفعل لحقت به بعد التَّخرُّج على استحياء برأسمال زهيد لا يغني شيئاً في تجارته الرَّائجة ذات رأس المال الكبير. وسرعان ما أثارتْ تلك العِشْرةُ والأخوَّة استغراب النَّاس وسخريّتهم. وكان بعضُهم يتأفَّفُ قائلاً:
- أمعقــول؟! سبحان الله شخصان: توتسيٌّ وهوتــوِيٌّ يتــآخيان ويجتــمعــان؟!
أما أفراد عشيرتي التوتسي وإخواني الأشقَّاء فكانوا يحذرونني منه: لا تأمن اثنين ما حييت: الدُّنيا والهوتو! مَثَلٌ قديمٌ كانوا يردِّدونه على مسامعي.

ومنذ الأيام الأولى من نشوب الحرب القبليَّة بين قبيلتَيْنا كان أخي قد أقنعني بعد جهد جهيد بضخِّ جميع رأسمال الشَّركة في شراء العاج والاحتفاظ به في مكان آمن.. قال: بهذا سوف نؤمِّن على أموالنا، فمن يدري لعلَّ العملة المحليَّة هذه تُلغى من التَّداول بفعل الحرب الطَّاحنة. وكان رأيي أن نحوِّل الأموال إلى بلد آخر؛ لاستثمارها هناك، لكن ذلك لم يكن في الحقيقة صائباً. وأخيراً لم يكن بدٌّ من الإذعان لرأيه.. كميَّة كبيرة من العاج اشتريناها بسعر زهيد وسط استغراب التُّجار ودهشتهم في وجه هذا الفنِّ الجديد من الجنون والخبل. وفي مخزن الشَّركة حفرنا - نحن الاثنين - حفرة، وأفرغنا في أرضيَّتها ترسانة من الإسمنت المسلَّح، وبنينا فيها جداراً من البلاط، وبإحكام وضعنا فيها صناديق العاج، وأقسَم لي أخي الأكبر أنَّه لا يعلم بهذا إلاَّ الله ونحن الاثنان.
- هكذا سنستخرج كنْزنا بعد الحرب إن شاء الله، دون أن نخسر شيئاً.. وحتماً سوف يزداد الطَّلب على العاج بعد الحرب!
قال ذلك وهو يربِّت على كتفي، ويلقي ببعض الأحجار فوق الحفرة، بعد أن ردمنا فوقها لإخفاء آثارها.
وفي الأيام الأولى من الحرب، والإبادة الجماعيَّة على قبيلة التوتسي؛ غَدَت دار أخي الأكبر مأوى ودار أمان للاَّجئين الفارِّين من الميليشيات المتهمِّجة، والقتَلة الوحشيِّين.. وفي ذات ليلة حين كانت طلقاتُ المدافع والبنادق الرَّشاشة تطنُّ في كلِّ اتِّجاه من العاصمة مثل طنين أسراب نحل، وصيحاتُ الاستغاثة تعلو على نباح الكلاب المسعورة؛ افترقنا شذرَ مذرَ دون وداع، ونجا كلُّ فرد بجلده، وانقطعت عنِّي أخباره زهاء سنتين، والحرب تأكل الأخضر واليابس. وبالفعل ظهرت حصافته وحنكته – لولا أنَّه أخي لقلتُ: شطارته - التِّجاريَّة، إذ لم يمضِ عام على نشوب الحرب حتى استولت الميليشيات على البنك المركزيِّ وكسَّروه ونهبوه؛ فسارع البنك الدولي إلى إلغاء الفرنك الرواندي الذي لم تعُد قيمتُه تعادل قيمة أوراق الشَّجر الجافَّة التي تملأ شوارع كيغالي.
وذات يوم وقع خبره على مفرق رأسي وقوع الصَّاعقة، شابٌّ من فلول الميليشيات من عشيرتي أكَّد لي أنَّه رأى أخي الأكبر في العاصمة منذ أشهر في سيارة جيب بصحبة مجموعة من الجنود عند مستودَع شركتنا! تُرى.. لماذا عاد إلى كيغالي وكلُّ حيٍّ فيها محكوم عليه بالموت؟ فهل عاد أخي الأكبر ليستخرج الكنْز؟ أيظنُّ أنني مقتول؟ أقبضت عليه الميليشيات فدلَّهم على الكنز؟ كانت الوساوس والظُّنون تساورني كلَّ ليلة، وخيبة أملي تتضخَّم يوماً بعد يوم، خاصَّة أنني كنت قد أنفقت الفلس الأخير في جيبي منذ زمن طويل، وعلى عاتقي عيالي في هذا المهجر الفقير حيث لا وجود لما يسمَّى «عمل» أو حتى شبه عمل، بل كان نصف المواطنين في هذا البلد قد انقلبوا «لاجئين» مثلنا، وأصبحوا مثل كبار الموظفين الحكوميِّين يأخذون نصيب الأسد من المعونات الغذائيَّة التي توزعها علينا منظمة اللاَّجئين.. كان المثل الشّعبي يجلجل في أذني: «لا تأمن اثنين ما حييت: الدُّنيا والهوتو!»

ويوم عدتُ إلى كيغالي بُعَيد الحرب، وقبل أن يعرف أقاربي القلائلُ بعودتي، وقبل أن أشرع في إخلاء داري من جيوش الأعشاب، وكتائب السّحالي والحشرات التي بدتْ كأنَّها كانت تستعجل مغادرة أهل المدينة؛ لتحتلَّها احتلالاً مؤبَّداً، وتتكاثر فيها بسرعة مذهلة في انفجار سكانيٍّ تعوِّض به خسارة مئات الآلاف من الأرواح التي حصدتها أيدي الميليشيات المتوحِّشة. وقبل كلِّ شيء كان لا بدَّ لي من جولة استكشاف عاجلة لمستودع شركتنا. وحين وصلتُ إلى المستودَع كنتُ أحمل عصاً يعلم الله أنَّني لم أقصد أن أتَّكئ عليها، ولكن لأصارع بها الأعشاب الطَّويلة، وما قد يوجد بالمكان من سلالات الأفاعي في ضخامة «أناكُونْدات» أدغال الأمازون، وسحالي «الكومُودو» العملاقة. وبعد أن نجحتُ في اختراق الحوش المحيط بالمستودع إلى عمقه؛ فوجئتُ بمنظر مروِّع: بقايا عظام هيكليَّة آدميَّة وعدَّة جماجم هنا وهناك. لا شكَّ أن القتلة الوحشيِّين أقاموا هنا مهرجان جزارة مُروِّعاً.. سواطير متصدِّئة، وقِطع فولاذيَّة حادَّة غليظة مرميَّة بالمكان تشهد ببشاعة ذلك المهرجان الآثم.. كان المِعْوَل والرَّفش والمحراث التي استخدمناها في الحفر موجودةً أيض اً.. تُرى أستخدمها القَتَلة الجزَّارون في جريمتهم؟! وخلال دقائق كان الهلعُ قد أنساني ما جئتُ من أجله، وحين تخلَّصتُ من إسار هذا المشهد الجنونيِّ؛ وقع بصري على الردم الذي غطينا به الكنْز المدفون، وقد أصبح كومةَ تراب نبت فوقها العشب.. ثم درت دوْرَة حول كومة التُّراب تيقَّنتُ بها أنَّ الكنْز ما زال تحتها، وفجأةً انتابني شعورٌ عنيف بالخجل. تُرى إذا ما باغتني أخي الأكبر الآن في هذا المكان فماذا أنا قائلٌ له؟ كيف جئتُ إلى هذا المكان قبل ذهابي إلى دار أخي؛ لتفقُّد أحواله والاطمئنان عليه؟ يا لها من خيانة عظمى لرباط الأخوَّة الذي يجمعنا! تسـلَّلتُ بخفَّة من المكان وكأنَّني غريبٌ دخيلٌ أحذر أن يراني أحدٌ متلبِّساً بجريمة اقتحام موقع محظور.
لم أكدْ أتخطَّى عتبةَ دار أخي الأكبر حتى فوجئتُ بزوجتي وقد سبقتني إلى هذه الدَّار، وهي في بكاء حارٍّ، وقد تحلَّق بها عددٌ قليل من نساء الحيِّ النَّحيلات. كانت زوجةُ أخي الأكبر تواسي زوجتي.. يا إلهي! ما هذا الحِداد المفاجئ؟! عجزت ساقاي عن تحمُّلي حين سمعتُ بالنَّبأ الفاجع.. هويتُ جالساً على كومة طوب وأنا أسترجع.. لقد مات أخي مقتولاً! كان قد عاد فجأةً إلى كيغالي لأمر عاجل تاركاً رسالةً لزوجته، وأخرى لي. واثنان من أطفاله الثَّلاثة توفُّوا بعده بالكوليرا التي تبيضُ وتصفر حرَّةً طليقةً بمعسكرات اللاَّجئين.
وبيد مرتعشة قرأتُ رسالته إليَّ، وكان فيها:
«أخي الأصغر! أكتب إليك هذه الكلمات، ولكن رجائي أن لا تتهيَّأ الظُّروف حتى تقرأها.. أرجو أن يجمع الله بيننا، وأن تضع هذه الحرب الوحشيَّة أوزارها عاجلاً. إنَّني الآن في طريقي إلى كيغالي؛ لإصلاح خطأ جسيم لم نفطِن له: لا بدَّ من عمل فتحة خفيَّة للحفرة تنفذ منها الحرارة، وإلاَّ فإنَّ الحرارة سوف «تحرق» العاج، ويصفرُّ لونه في غضون أشهر.. سأجعل أنبوباً خفيّاً في جدار. وقد جزمتُ لزوجتي ألاَّ تفتح هذه الرِّسالة تحت أيِّ مبرِّر إلا إذا أيقنت أننا - نحن الاثنين - قد فارقنا الحياة. أخي الأصغر! كم أنا مشتاقٌ إليك!».
قصص 464291
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:33 pm

ولدي كم طال انتظاري
كرم صفر مبارك

إهداء إلى كل محروم من نعمة الولد
إلى كل من اشتاقت نفسه إلى كلمة بابا أ و ماما
إلى أصحاب دموع الليالي وآهات تهز الجبالِ
أهدي لكم هذه القصة الواقعية التي لازمت أحداثها بنفسي لمدة اثنتي عشر سنة
فلعلها تخفف عن وطأة ما تعانون
بل ربما ترسم لكم الأمل من جديد

أخوكم ومحبكم / كرم مبارك




ولدي كم طال انتظاري

كانت دموعي تشق طريقها كالعادة في شقوق اعتادت عليها وعرفت مجراها على وجنتي ، وأنا مستلق على ظهري فوق سريري الحديدي في مساء يوم إجازة عن العمل المدرسي الشاق وحيداً بين جدران غرفة صغيرة في هذا البلد العربي الذي أعمل فيه بعيداً عن زوجتي وأهلي وأحبابي ..


آه كم أطلت النظر إلى هذا السقف المشقوق فوقي فبرغم الضوء الخافت إلا أني مازلت أرى بوضوح الشقوق التي حفظت مجراها والتي يتخللها قشرات لأصباغ قديمة تتساقط بين حين وآخر على سريري أما الجدران فمصبوغة بألوان الطيف المتداخلة مع بعضها وقد بدأ الملح يزحف إليها بفعل الرطوبة الدائمة حتى أصبح منظره مشمئزاً منفراً ..!!

ولكن ماذا أفعل فهكذا هي حياة العزّاب ..

فمنذ أن رجعت زوجتي إلى وطني قبل سنوات بأمر من الطبيب لكي تكون قريبة إلى تحقيق الأمل المنشود الذي يبدو أنه لن يأتي ، أصبحت وحيداً في هذه الغرفة الوحيدة الكئيبة في هذه العمارة المتهالكة بعد أن تركت الشقة التي كنا نعيش فيها وانتقلت إلى أفقر حي في هذه المدينة

وها أنا أزورهم في كل إجازة صيف ، في زيارة لا أتمناها بل أفضل الغربة عنها !!

كعادتي أنا مستلق على سريري والنوم يأبى إلا أن يعاندني ويجافي عيوني ، ونفس التساؤل يراودني ؟

هل من الممكن أن أرزق بمولود بعد خمسة عشر سنة من الزواج ؟!
وخاصة أن زوجتي تعدت الأربعين سنة وكادت أن تلامس سن اليأس في الإنجاب
أنه هاجس يطاردني ليل نهار ككابوس جاثم على صدري

استبدلت وضعية نومي عل وعسى أن يذهب عني هذا الكابوس ولكن هيهات ، فمن يعرفني يعرف أنه لم ينفك عني منذ السنة الثانية للزواج عندما تسلل هذا الهاجس إلى داخلي بعدما تزوج أخوتي وأصدقائي من بعد ثم أنجبوا

وهكذا تزوج أمة من القوم وأنجبوا أما أنا فقد كان مجرد عطف الناس علي وأسئلتهم المتكررة تقتلني عدة مرات قبل أن أعود إلى الحياة ثانية كجثة متحركة لا تمتلك من هذه الحياة سوى قلباً مازال فيه جبال من الأمل والرجاء
وقدمان تحملان هذه الجثة لتذهبان بها إلى العمل أو إلى المسجد ثم تعود
وعينان تزيدان من بؤسي عندما أنظر إلى الصغار يلعبون هنا وهناك وأسمع صرخاتهم وكأنها أعذب الألحان وأطربها ، ولكم تمنيت هذه الصرخات في بيتي تفسد علي هدوئي القاتل وتصم أذني اللتين لم تسمع إلى الآن كلمة " أبي "

لم تكن زوجتي المسكينة بأقل حالاً مني ولكن عزاءها أنها مازالت بين الأهل والأحباب في بلدنا يخففون عنها ألمها ويجبرون مصابها وخاصة إن آمالنا قبل أكثر من سنة قد لامست السحب بعد أن بُلِّغْنا إنها حامل ، ثم بعد أشهر تحطمت هذه الآمال وانكسرت على جبال اليأس فقد كان حملاً كاذباً !
هكذا يقال !!

حتى الحمل يكذب ؟!!
أتراه يسخر من جراحنا ؟!!
أم تراه يتلذذ بآهات البؤساء ودموعهم ؟!

كنا قد تكيفنا مع مصيبتنا لفترة من الوقت وغضّينا الطرف عن الإنجاب فقد أصبح بعيد المنال
وسكت الناس عنا ورفعنا الراية البيضاء ورضينا بالقدر

ولكن هذا الحمل الكاذب جدد الأوجاع ونكّل في الجروح وفتح المواجع ، حتى أصبحت هذه المآسي هاجساً يومياً مريعاً ...

تقتلني الوحدة هنا مع إنني من اختارها ، فقد كانت أعين الأهل والجيران والأصدقاء كأنها سهام تدخل في جسدي لتنتزع روحي ، ومن ثم تحولت النظرات إلى الهمز والغمز واللمز
فآثرتُ الهروب طلباً لراحة الجسد وأمان الألسن والنظرات وكذلك طلباً للمال الذي به يتجدد أمل الإنجاب وتفتح به أبواباً في مستشفيات في بلدي كانت مسدودة علينا نحن الفقراء ، فإذا بي أواجه عدواً جديداً وقاتلاً شرساً بطيئاً آخر يسمى " الوحدة "

حتى بت – أستغفر الله - أخشى سماع الآية " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " أمام الناس ، لأنني بكل بساطة كنت أنهار وتسبقني العبرات وأفقد رباطة جأشي مع إنني دائماً أحاول أن أبدو قوياً راضياً بقدر الله تعالى غير مهتماً إلا بما قدره الله لي

هكذا كنت أمام الناس وهكذا كنت أوحي لهم وبهذا كنت أتمتم ، مع إنني في داخلي عكس ذلك تماماً

كانت كل قطعة في داخلي تبكي بل وتصرخ وتتساءل : أيأتي صباح يحمل إليّ خبراً سعيداً ؟!
أم سيأتي مساءٌ يحمل لي أمل جميلاً ؟؟

وكانت كأنها تجيب نفسها : بعد خمسة عشر سنة ألا تمل أو تكل يا رجل !!
انس يا محمود فليس لك نصيب في الذرية أبداً
كتب عليك أن تموت هكذا وينتهي أثرك
كتب عليك أن تعلم الأطفال وتحنو عليهم وتلاطفهم ولكن دون أن تسمع كلمة " بابا " !

ولم أنت قاسية في إجاباتك أيتها النفس ؟
تلطفي بي ، قولي شيئاً يسعدني أو اسكتي على الأقل !!
أو قولي لي اصبر وتجلد ولا تفقد الأمل
أو قولي انتظر فرج الله فإن عطاءه لا ولن ينقطع
قولي لي ما أجمل الصبر وما أجمل الثقة بالله العلي العظيم !

كانت اللحظات شبه السعيدة الوحيدة هي عندما تهاتفني زوجتي أو أهاتفها ولا نتطرق فيها إلى هذه القضية ..

كان الاتفاق بيننا ألا نتطرق إلى هذا الموضوع بتاتاً ، لأنها حتماً ستنتهي إلى البكاء وعدم إكمال الحديث

فكم كانت - أم أحمد - هكذا كنت أناديها منذ بداية زواجنا ولم أكن أدري أن أحمد لن يأتي - تحمل لي الأمل دائماً في مكالماتها

تارة تقول لي : لقد زار بلدنا طبيب عالمي وبشرني أن الحمل قريب

وتارة تقول : لقد رأت فلانة رؤيا وفسرها فلان على إننا سنرزق بمولود !

وتارة تقول : لقد قرأت في مجلة متخصصة أنهم وجدوا علاجاً للعقم وتأخر الإنجاب

كم كنت أتعذب وأنا أسمعها وهي تخفف عني وتريد إدخال السرور إلى نفسي في حين إني أعلم يقيناً إنها داخلياً منهارة أكثر مني وبمجرد أن تغلق الهاتف دوني ستنفجر في البكاء

كم أنت عظيمة يا أم أحمد ،تخففين عني في حين أنا من يجب أن يخفف عنك !
وتحملين همي وهمك معاً

لذا اتفقنا ألا نتطرق إلى هذا الحديث مطلقاً
ولكن هيهات فكل آمالنا وآلامنا تجمعت عند هذه النقطة
حتى صمتنا للحظات يوحي إنه صمت النداء ، نداء الفطرة ، فطرة حب الولد والذرية
ولكننا كنا كأننا نهرب من الجحيم إلى الجحيم

لم نترك طبيباً ، ولا حكيماً ، ولا راقياً ، ولا وسيلة تمكننا من الذرية إلا وطرقناها
ذهبت إلى العمرة ثم إلى الحج وهناك بكيت بكاءً مراً
كل كان يدعو غفران الذنوب إلا أنا كان دعائي مختلفاً

لو كانت أصوات النفوس تُسْمَع لبكي لدعائي كل الذاكرين و الطائفين
ولو كانت دعوات القلوب تفوح لغمرت رائحة حزني جميع الساجدين والراكعين ...

وهنا انتبهت وأنا على سريري فقد أخذتني الأحزان بعيداً
انتبهت وأنا أكثر عزيمة على ألا أترك لليأس سبيلاً عليّ يتحكم بي كيفما شاء

لك وحدك إلهي ألجأ ، نعم لك وحدك يا إلهي يجب أن أتجه بعد أن استنفذت جميع السبل
أنت الرجاء وإليك الملتجأ

قمت وتوضأت حاملاً في نفسي قوة عجيبة من الأمل وقلبي ينبض بشدة وكأني أسمع تلك النبضات تقول " لك وحدك إلهي "

لك وحدك إلهي ، ذاك كان دعائي يوم طفت بالبيت
كان تسليماً تاماً إني قد فوضت أمري إليك يا ربي بعد أن استنفذت جميع الأسباب فخذ بيدي يا رب

سجدت وأطلت في السجود ...
لك وحدك يا من تعلم سرى و علانيتي يا من تعلم كربي و همي
لك وحدك دعائي لك وحدك توسلاتي لك وحدك مناجاتي

إلهـــــــي و خالقي وخالق كل الكون لك الحمد و المجد و الكبرياء
إلهــــــي يا من أرجوك في السر والعلن و يا من أجاب نوحًا في قومه ، و نصر إبراهيم على أعدائه ، و رد يوسف إلى يعقوب ، وكشف ضرَّ أيوب ، يا من أجاب دعوةَ زكريا ، و قبل تسبيحَ يونس لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين ..

اللهم من اعتز بك فلن يذل، ومن اهتدى بك فلن يضل، ومن استكثر بك فلن يقل، ومن استقوى بك فلن يضعف، ومن استغنى بك فلن يفتقر، ومن استنصر بك فلن يخذل، ومن استعان بك فلن يغلب، ومن توكل عليك فلن يخيب، ومن جعلك ملاذه فلن يضيع، ومن اعتصم بك فقد هدى إلى صراط مستقيم

اللهم أسألك ذرية صالحة وولداً تقر به عيني ، اللهم لقد طال انتظاري له فما أجمل عطاؤك ، وإني لعطائك منتظر ، فهل من عطاء يفرح عبدك الضعيف ويدخل السرور في قلبه والحبور في نفسه .............

دعوت ليلتها كأنني لم أدعو قط

وبين الدعاء والركوع والسجود والدموع نمت وأنا على سجادتي وبحالتي تلك

ولم أستيقظ إلا على جرس الباب
فتحت عيني يا إلهي الصباح قد انبلج والشمس في كبد السماء ويبدو إنني تأخرت عن حافلة المدرسة وأحد الزملاء جاء ليوقظني

فتحت الباب ويا لها من مفاجأة !! لم تكن في الحسبان

إنها أم أحمد زوجتي تحمل طفلاً جميلاً يبتسم

ذهلت من هول المفاجأة وانخرس لساني للحظات وأنا غير مصدق ما أرى

ما هذه المفاجأة يا أم أحمد ؟!! كيف وصلت إلى هنا ومن هذا الطفل ؟!!

قلتها بكل دهشة وأنا أنظر للطفل الجميل

- إنه أحمد يا محمود لقد أصبحت أباً أخيراً ، خذه يا محمود احضنه وقبله ......

مددت يدي لآخذه إلى حضني فإذا صوت جرس الهاتف يرتفع عالياً

وتختفي أم أحمد مع الطفل !

آه لقد كنت أحلم وأنا نائم على سجادتي ويا له من حلم جميل

لقد قطع علي الجرس هذا الحلم الجميل وهذه الرؤيا السعيدة

أسرعت إلى الهاتف ولكنه سكت
يبدو أنه أحد الزملاء ، فقد تأخرت عن المدرسة
ثم رن ثانية
نظرت إلى الرقم إنها أم أحمد زوجتي
خير؟ فليس من عادتها أن تتصل في هذا الوقت المبكر إلا لأمر هام!

قلقت بشدة وتسارعت دقات قلبي وأنا أرد

- السلام عليكم ، نعم يا أم أحمد ؟؟!!
- وعليكم السلام وصباح السرور والأفراح وخبر سعيد يا حبيبي

لقد كان صوتها مشبوباً بفرح غامر مما خفف عني ذلك القلق الذي اجتاحني فجأة ..

- أراكِ سعيدة خير يا أم أحمد
- كم ستعطيني إن قلت لك إني حامل حامل حامل يا محود

- حامل ؟! أم كالعادة حمل كاذب ؟!
- أنا في المستشفى يا حبيبي الآن ، حجزتني الطبيبة أمس الظهر، أشعر إن الأمر ليس كالعادة ، أنا أشعر به في داخلي يا محمود ، لم أستطع النوم طوال الليل حتى أخبرك ولم أشأ الاتصال بك ليلاً لعلمي إنك تنام مبكراً

- لقد سئمت من هذا يا أم أحمد ، في كل مرة يحجزونك لشهور ثم لا يكون إلا الألم والبؤس
عموماً إن خرج إلى الحياة فأخبريني لأعطيك ما تطلبين وقبلها أرجوك لا تقطعين قلبي وقلبك كالعادة

قلتها بيأس وحزن وأغلقت الهاتف والدموع تتساقط من عيني فدخلت إلى دورة المياه لأتوضأ وأصلي الفجر فقد ارتفعت الشمس و تأخرت عن العمل .

كنت في قرارة نفسي أتمنى أن يكون ما تقوله أم أحمد صحيحاً
ولكن خلال هذه السنوات الخمسة عشر كم وكم دخلت المستشفى !
وكم وكم قيل لها إنها حامل ومن بعدها كان العذاب والتعذيب !

ولم أعد أصدق الأطباء وما يقولون ، وأكثر ما كان يقطع قلبي أن تتصل بي أم أحمد بعد فترة لتقول لي إن الأمر انتهى وإنها عادت إلى المنزل خائبة بعد أن دفعنا الأموال الكثيرة وبذلت الوقت والجهد والصحة ...

لم تعد أم أحمد تلك المرأة التي تشع فرحة ودلالاً ، لم تعد بتلك النضارة والحيوية ، بل ذبلت كشجرة خضراء أسقطت أوراقها ثم أصبحت بعد مدة صفراء شاحبة

ولم يكن يصّبرها إلا إيمانها بالله و حبي الجارف لها ، ومع ذلك فقد كانت تحثني على الزواج مرة ثانية لعلي أرزق بمولود لي ولها وكنت أمازحها وأقول : أنا موافق سأتزوج عندما تنجبين
فترد : إذًا لن أنجب أبداً ...

كان يوماً جميلاً عندما استدعاني مدير مدرستي إلى مكتبه
كان من عادته إنه كان يتعاهدني بين حين وآخر بالسؤال عن أحوالي
فبرغم مشاغله الكثيرة ومسؤلياته الكبيرة إلا أنه كان لا ينساني
كان متعاطفاً معي جداً

عن نفسي كنت أحبه جداً واحترمه كل احترام لأنه وبكل اختصار " إنسان " بمعنى الكلمة

فبرغم حزمه وقوة شخصيته إلا أن طبيعته كانت سمحة طيبة ، يسأل عن الصغير والكبير ويقف بجانبهم في محنهم ويتلمس همومهم ، لم تكن علاقته مع الجميع علاقة إدارية فقط بل بجانب هذا كانت علاقة إنسانية من الدرجة الأولى
فبرغم إنني أكبر منه سناً كنا نشعر أمامه إننا أبناءه

كنت وبكل صراحة كلما أخرج من عنده أخرج بأمل جديد وقوة معنوية عالية تضل معي لفترة طويلة
بادرني مبتسماً :
- أستاذ محمود ستكون أباً قريباً إن شاء الله ، فإحساسي لا يخب
- أستاذي دائماً تشجعني وأنا أقدر لك هذه الروح الطيبة ، ولا أنسى ذلك اليوم الذي أخبرتني عن صديقك الذي أنجب بعد 7 سنوات كاملة

ولا عن الآخر الذي أنجب أيضاً بعد سنين وكيف إنك أرجعت إلى الأمل بهذه القصص الواقعية وجعلتني وزوجتي نعيد حساباتنا ثانية بعد أن كدنا أن نقتنع إن الأمر وصل إلى طريق مسدود وخاصة لما وصلنا إلى هذا العمر
- ولهذا استدعيتك يا عزيزي

أتتذكر سائق الحافلة الأردني الذي كان يعمل هنا ثم ترك العمل بعد فترة ، ربما لا تتذكره ولكنه أكبر منك عمراً وزوجته أكبر من زوجتك
- نعم ماذا حصل له ؟
- جاءني بالأمس يحمل سلة حلاوة ويكاد يطير فرحاً وأخذني بالأحضان طويلاً ، لقد أنجبت زوجته بعد 16 عاماً وسماها فاطمة
آه لو تقرأ الفرحة في عينيه يا محمود ، لقد أبلغته قصتك ، فقال : بلغه إن الله على كل شيء قدير
- بعد ستة عشر عاماً ؟!
- نعم بعد ستة عشر عاماً

- والله يا أستاذي لقد فتحت لي باب الأمل واسعاً بحديثك هذا بعد أن ضاق شيئاً فشيء
لقد أعدت إليّ روحي المشتتة في داخلي ، واستجمعت ابتسامتي المبعثرة في فمي ، واحتويت قلبي الممزق في أحشائي
نعم إن الله على كل شيء قدير

لم أستطع التغلب على قطرات الدموع التي كانت تتقاطر من عيني ولم أستطع النظر إلى عينيه السعيدتين لفرحتي

استأذنت سريعاً بإشارة من يدي فقد كدت أن أنفجر بكاءً في وجهه ،
وخرجت سريعاً وانزويت في زاوية بعيداً عن الأعين ولم أستطع المقاومة فقد غلبتني الدموع واهتز جسمي وانفجرت في البكاء طويلاً وكأني لم أبك من قبل !
ولكنها دموع لها طعم آخر إنها دموع عودة الأمل من جديد.....

ها أنا أعود إلى هذا المنزل الكئيب ولكن بأمل جديد
هل أخبر أم أحمد الرؤيا التي رأيتها هذا الصباح ؟ وهل أسعدها بما أخبرني عنه مديري ؟
أتذكر كم أسعدها خبر ذلك الرجل الذي أنجبت زوجته بعد سبع سنوات ، وكيف رسمنا يومها آمالاً كالجبال
لا أدري هل أخبرها الآن أم أخبرها في الصيف عندما ألتقي بها هناك في بلدي ، فعلى الأقل عندي ما أحمله لها من الأخبار السعيدة

آه تذكرت أنها في المستشفى الآن ، إذاً فلأخبرها عندما ترجع من المستشفى محطمة كالعادة من حملها الكاذب ، فساعتها من المناسب أن أخفف عنها بمثل هذه الأخبار

مرت الشهور كعادتها مملة فلا أنا مرتاح هنا ولا أنا سعيد بقرب الإجازة الصيفية
فالعودة إلى الوطن ليس لها ميزة ممتعة بالنسبة لي ولكني أؤديها كواجب حتمي ومع ذلك فقد قررت ألا أسافر هذه السنة ، فأم أحمد خرجت من المستشفى بعد سبعة أشهر من العناء وعادت إلى البيت دون ظهور تباشير أمل في الأفق ، والآن كما تقول تراجع كل أسبوعين ولكنني لا أجد في حديثها حماساً بل أشعر كأنها تخفي عني أمراً

وهذا الأمر أنا أعرفه جيداً المسكينة تحاول التخفيف عني ولا تريد مواجهتي وإخباري أن الحمل فشل مرة أخرى لعلمها إني مشغول هذه الأيام في الاختبارات النهائية للطلاب ولا تريد أن تزيد همي همًا آخر
لذا كانت تتجنب الحديث عن أمر الإنجاب أو الحمل وكنت أفضّل هذا ، لذا فعدم النزول إلى البلد هذه السنة قرار صائب بالنسبة لي لأنها ستكون مأساوية ولكن لن أخبرها إلا عندما تقترب الإجازة وأضعها أمام أمر الواقع .

كنت في الصف الدراسي عندما اهتز هاتفي في جيبي فلم اعره اهتماماً ، حيث أنه لم يبق من وقت الحصة إلا القليل ، وكنت جالساً أقضي هذا الوقت في الحديث الودي مع طلابي الصغار ، ولم تكن من عادتي أن أرد على الهاتف في الصف مطلقاً
ولكن الهاتف عاود الاهتزاز ثانية ثم ثالثة فرابعة فنظرت إلى الرقم فإذا هو رقم زوجتي أم احمد !!
لم يكن تلك من عاداتها ، فهي تعلم إنني الآن في الحصة الدراسية وتحفظ أوقات راحتي وعملي ولكن هذا الإلحاح من الهاتف يقلق جداً ، هل حصل شيء لأحد من أهلي
بدأ القلق يتسرب إلى قلبي ...!
جاءت رسالة سريعة منها ، قرأتها " أرجوك رد على الهاتف ضروري "
ثم بعدها مباشرة اهتز الهاتف ولا شعورياً رددت وقلبي قلق جداً
- السلام عليكم
- محمود ... قالتها أم أحمد وهي تصرخ
وكأن قلبي سقط في بطني لدى سماعي صرختها فقد كنت أتوقع أمراً سيئاً
أعادت الصراخ ثانية وأنا أسمع ضجيجاً حولها وأصوات عالية كثيرة لذا لم يكن صوتها واضحاً وهي تقول :
- محمود حبيبي أحمد وصل !

- ماذا تقولين لم أسمعك جيداً ... أي أحمد ؟!
- أحمد ابنك وصل والله وصل ، وها هو في حضني
- أحمد ابني ، أي ابن ؟!! لا تمزحين معي يا أم أحمد !!
- صدقني والله لا أمزح ... خذ تكلم مع أختك سلمى
- نعم يا محمود ، الله رزقك ولداً هذا الصباح .... قالتها سلمى وهي تبكي سعادة
- سلمى ، أخشى أن أكون في حلم ، ماذا تقولين قوليها ثانية
- أنت لا تحلم يا أخي بل هي الحقيقة ، زوجتك رزقت بولد هذا الصباح ، لقد أصبحت أباً يا أخي أخيراً
- أباً ، أنا ؟!! بعد خمسة عشر سنة ؟!!

لم أشعر إلا وأنا أهوي على الأرض ساجداً حمداً وشكراً لله رب العالمين
ولم انتبه أن الطلاب يراقبون ويسمعون ما يجري من الحديث فجلست على الكرسي لا تحملني قدماي
كان قلبي يدق بشدة ، و الدموع تغمر عينيّ ولكنها لم تسقط بعد ، حاولت أن أتماسك أمام طلابي وغطيت وجهي بيديّ لكي لا يروا دموعي
ولكن سؤال أحد طلابي كان قاصمة ظهر ، حين قال :
- أأنت تبكي يا أستاذ ؟!!

حينها لم أستطع أن أتمالك نفسي فانفجرت في بكاء ونشيج متواصل وجسدي كله يهتز كأنه يتراقص مع قطرات الدموع التي تنزل على شاربي ولحيتي

ثم خرجت إلى ساحة المدرسة أركض كالمجنون أحضن كل من يقابلني وأنا أصرخ لقد أصبحت أباً لقد أصبحت أباً ......

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:35 pm


ميمونة يفاجئها الموت قبل أن تختم كتابة وصيتها !

موقع لجينيات

عثر ذوي الشيخ عبد العزيز الوهيبي رحمه الله في سيارته على ورقة كتبتها ابنته ميمونة رحمها الله وصية لها وكأنها أحست بدنو أجلها فبادرت لكتابة وصيتها وطلب العفو والسماح من والديها لكن القدر سبقها فلم تستطع إكمالها ! نسأل الله لها الرحمة والغفران .

وقد تحصل موقع لجينيات على الوصية التي كتبتها وينفرد بنشرها ، وهناك احتمالين لوقت كتابة الوصية :
- إما أن الأخت ميمونة – رحمها الله - كتبت هذه الوصية قبيل وقوع الحادث بلحظات ثم حصل الحادث فتوقفت عن الكتابة.
- أو أنها كتبتها بعد الحادث عندما شعرت بدنو أجلها لا سيما وأن الإسعاف تأخر حتى جاء لإنقاذهم !! فتوفيت – رحمها الله - قبل أن تُتم كتابة وصيتها .

الشيخ الغامدي يعلق على الوصية :
هذا وقد علق الشيخ خالد الغامدي على الوصية وذكر أنها ألهمت بوقت وفاتها فسارعت لكتابة وصيتها لتنعى نفسها وتودع من تحب وتوصي المسلمين والمسلمات قبل أن يفاجئها الموت حيث قال:" وعندها أيقنت أنه لم يبق من العمر إلا القليل ، فسابقت المنية إلى القلم والورقة فكتبت ، فكانت الفاجعة ، ليسقط القلم وتتبعثر الأوراق ويسيل الدم !!" ، وقد أوصى الشيخ الغامدي في ختام تعليقه على الوصية بالمبادرة إلى الأعمال الصالحة وترك التسويف والإقلاع عن الذنوب والبدار بالتوبة والأوبة .

ومما تجدر الإشارة إليه أن ما سطرته ميمونة - رحمها الله - هو ماكتب داخل الإطار الأحمر ، أما ماكتب خارجه فهو بخط الشيخ خالد الغامدي .

ويُشار أن ميمونة بنت عبد العزيز الوهيبي توفيت – رحمها الله - وعمرها عشرون سنة وتدرس في كلية التربية قسم الدراسات القرآنية وتحفظ القرآن الكامل بإتقان وتدرس القراءات العشر ومن الأوائل في دفعتها وهي من الفتيات المشهود لها بالخير والدعوة إلى الله .

هذا وقد توفي مع ميمونة في حادث الشرقية والدها عبد العزيز الوهيبي ووالدتها نورة السماري مديرة دار أم معبد لتحفيظ القرآن الكريم وأختيها الجازي وعمرها ثلاث سنوات ولينا وعمرها تسع سنوات ، رحمهم الله وغفر لهم وتجاوز عنهم وجميع موتى المسلمين .

وقد أُصيبت في الحادث خمس من أخواتها وهنّ : فلوة وعمرها ست سنوات ومها وعمرها إحدى عشر سنة ونوف وعمرها ستة عشر سنة وهند وعمرها ثمانية عشر سنة وعروب وعمرها أربعة عشر سنة ، شفاهن الله ،وثبتهن ، وربط على قلوبهن ، وألهمهن الصبر والسلوان .

وأخيراً :

يوصي موقع لجينيات كل من اطلع على الوصية نشرها في جميع المواقع الالكترونية والإيميلات والمنتديات الحوارية ، ولسان حالنا :
وكانت في حياتك لي عظاتٌ ......... فأنت اليوم أوعظ منك حيا

قصص 351-1
قصص 351-2
قصص 351-3

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:36 pm

فاتنة لبنان ... لالا...... فعلى صدرك رأيت الصليب !
صخرة الخلاص

( زياد شاب سعودي ، لما يتجاوز السابعة عشرة من عمره ، كان ذلك عام 1415هـ ، صاحب عينين واسعتان ، حاد النظرة ، قد أرتسم على شاربه خط خفيف من الشعر، مشاكس ، مرواغ )

طائرة الخطوط السعودية ، تصل بيروت ، ينزل هو ورفيق دربه سعد ، الشاب الطيب الوديع ، في مغامره محفوفه بالمخاطر في بلد كله فتن !

بعد مرور أيام قليلة ... فتن قلب زياد باللبنانيات ، سافر في مراكب الغرام ، وحجز أول طائرة في خطوط العشاق ، ينظر هناك لتلك الفتاة ، ويحدق بتلك المرأة الرائعة ، يلاحق تلك المراهقة بنظراته الساخنة !

إلا أنه لم يفتن كما فتن بتلك المراهقة الساحرة ... التي كانت تسكن جوار الفندق !

قال له رفيقه سعد مرة :

يا زياد بلاش لكاعة ومشاكسة ، كل بنت تريدها ، أنت تذكرني (بجيمس بوند ) الذي لا تستطيع المخابرات الروسية أن تتصيده إلا عن طريق الفاتنات الجميلات ، ثم يخرج من المأزق بأسطورة مهندس وبروفسور وزارة الدفاع الأمريكية!

وفي مرة وذلك يوم الأحد ، خرج زياد وسعد من الفندق إلى نزه في الأحياء ... وفي الطريق وعن طريق المصادفة مرت تلك الفتاة المراهقة في قبالة الطريق !

تسمرت عيون زياد بها ... هام وذاب في شوقه ، فتن وهو يرى قوامها الممشوق ، ورشقتها المتناهية في الروعة ، والمني جب التي لبسته ، خصرها البديع ، وشعرها المنسدل المسترسل خلفها ، وعينها الناعسة ، وبيضاها الذي هو الشمس ، كانت فعلا كبيرق الذهب ، بل كمركبة أسطورية مليئة بالعطور الفائحة !

فينكس زياد الطريق ويلاحقها ، في حركة لا شعورية ، وقد أخذت منه الفتنها كل ما أخذت !

تحس الفتاة به يلاحقها ، فيروق لها ذلك ، فتسرع في خطاها ، فيسرع خلفها ، تضحك وتتغنج ، وتتمايل في مشيتها وتقذف بشعرها خلفها ، وتدعب خصلات شعرها الذي على جبينها !

يغيب زياد في سكرته ... وينطلق بجنون ، حتى لقد خلي لرفيقه أنه مارد أو عفريت مزمجر هائج يريد أن يقبض على الفتاة ويخسف بها ونفسه الأرض في الأرض السفلى حيث عالم العفاريت !

وفي غياب زياد في جنونه ، وهو مسرع ... يرتطم بجسم صغير !

فيلقيه بعيدا وسط الطريق !

يفيق زياد من سكرته ، ويقف ، وتقف الفتاة المراهقة من بعيد ترمق الموقف ، وقد لفت انتباها توقف الشاب السعودي المراهق .

يلتفت زياد للجسم الذي أرتطم به ، فإذا هي طفلة صغيرة ممزقة الثياب كان في يدها قطعة من الخبز وقد سقطت في الجانب الآخر من الطريق .

يسرع زياد نحوها ، فتلملم ثوبها المرقع لتستر ساقيها ببقايا ثويها المرقع ، فيقف زياد ، تاركا لها فرصة في ستر نفسها وهو متعجب ، ثم تقوم الطفلة بالبحث عن قطعة الخبز التي سقطت منها !

في ذلك الوقت ، تقترب الفتاة المراهقة متظاهرة بتقديم مساعدة متسائلة :

يا حبيبتي ... عما تبحثين ؟

فترد عليها الطفلة : خبزتي .

الفتاة : خبزتك ( وتضحك ) !

عندها تحس الطفلة بالخجل فيحمر وجها .

يتقدم زياد ، متسائلا عما تبحث عنه الطفلة ؟

فتنظر له الفتاة متبسمة وتقول : تبحث عن خبزتها التي سقطت على الأرض ( وتضحك ) !

زياد : أين وقع قطعت الخبز ؟

الفتاة : إنها هناك قرب سلة المهملات ... هناك .

الطفلة تسر بذلك ، وتركض مسرعة نحو القمامة تلتقط قطعة الخبز!

زياد يطلب من الطفلة أن ترمي الخبزة في سلة المهملات ، ويخرج من جيبه عشر دولارات ويقدمها للطفلة ، ولكن الطفلة ترفض ، وتمسك بقطعة الخبز ، وهو يصر عليها ، وهي تصر بالرفض !

عندها تتدخل الفتاة قائلة : دعها يا خليجي وكيفها ، فهؤلاء قذرين .

ثم تنحني كي تربط حذائها ، فيندفع من بين صدرها قلادة فيها صليب !

فيشاهده زياد ، فيتعجب ، ويسألها هل أنت نصرنية ؟

الفتاة : هذا ربنا يسوع ، صلب لأجلنا وعلق على صليب العار ، وحمل خطايانا ، يسوع هو نور العالم ، هو نهر الحياة ، وهو الطريق .

زياد : المصلوب هو ربكم ؟ إذن أنت نصرانية ؟

الفتاة ( وهي تضحك ساخرة ) : أنا مسيحية ، وربنا المخلص الفادي يسوع له المجد ، صلب بإرادته لأنه أحبنا ، لأن الله محبة فهكذا بذلك ابنه الحبيب الوحيد يسوع .

وأنا الآن ذاهبة للكنيسة ... تعال معي لترى الرب ملق على الصليب من أجلنا .

زياد : أيتها الفاتنة ... لالا...... فعلى صدرك رأيت الصليب !

الفتاة ( بغضب ) : أنت كنت تلاحقني ؟!!

زياد : نعم ... لأني أحمق وعاصي ، ولكن الصليب الذي على صدرك ، الذي تسمينه صليب العار ، كشفي لي العار الذي كنت أفعله بسفاهتي ، أرحلي عني ، معاذ الله أن ألحقك أنت وربك المعلق على صليب العار !

الفتاة تجري مبتعدة باكية ، وزياد يدير ظهره متجها نحو رفيقه ، لكن الطفلة الصغيرة تصيح خلفه :

يا عمو .. عمو .

يتوقف زياد ... وينحني لها ، وهو يبتسم تبس النادم المحتقر لنفسه ويقول لها :

نعم ... يا أختي .

الطفلة : عمو ... أنتم من السعودية ؟

زياد ( يتبسم ) : نعم ..... ولما السؤال ؟

الطفلة : عندكم مكة والمدينة .. الله يا حظكم !

زياد ( يحس باحتقار الذات وتقريع الضمير ) : نعم عندنا مكة والمدينة .

الطفلة : يا عمو ... ممكن تأخذني معك لها .

زياد : أبشري ... على فكرة أنت وين ساكنه ؟

الطفلة : مخيم برج البراجنة ... هو هناك ، هل تأتي عندنا تقابل والدي ؟

زياد ( يشاور رفيقه سعد ) : إذا وافق صديقي .

سعد : والله في هذه لا أمانع ، فهي جزء من مغامرة مأمونة ، وليس مثل صاحبتك صاحبة صليب العار !

يتوجه زياد ورفيقه سعد مع الطفلة ، نحو مخيم برج البراجنة ، والطفلة فرحة ، وتتكلم هنا وهناك قائلة : عمو عمو ... إلخ .

ويصلون إلى مخيم برج البراجنة !

يذهل زياد ، ويصدم سعد ، من منظر المخيم !

البيوت مهدمه ، المجاري تجري في الأزقة ، الزبائل في نواحي الطرق مبعثرة ، البيوت مدمرة ، وبعضها مغطى بالقماش ، وبعضها مرقع بالأخشاب ، وقطع المعدن !

الأطفال شبه عراة .

النساء في حالة رثى لها !

الطفلة مسرعة ، سابقة زياد وسعد ، نحو بيتها ، صارخة :

بابا ، بابا ... فيه ضيوف من مكة والمدينة !

يقف زياد ورفيقه عن بيت صغير محطم الأبواب والنوافذ قد رقع بالخشب والكرتون وأغطية البلاستيك .

يخرج الأب مبتسما فرحا يحيي ضيوفه من بلاد الحرمين .

ويدرك الأب نظرة سعد وزياد المتعجبة من الفقر والذل الذي يعيش فيه أهل مخيم برج البراجنة .

فيقول لهما : أظنكما متقززين من بيتنا ، نعم فأنتما من بلد بترولي غني .

زياد : بصراحة ... نحن حزينين جدا على فقركم ، وفي نفس الوقت مبهورين بعزة أنفسكم .

الأب : يا أخي نحن في مأساة ، واضطهاد كبير لا يعلمه إلا القليل .

زياد : أنتم ؟ اللبنانيين ؟!

الأب : نحن اللبنانين أهل السنة والجماعة .

زياد : أهل السنة وجماعة ... طيب أيش دخل هذا بوضعكم الاجتماعي ؟

الأب : القصة طويلة يا بني ، أسأل عنها صبرا وشاتيلا ، اسأل عنها حزب الكتائب المسيحي ، اسأل عنها حزب أمل الباطني .

أنت لا تعلم ما مر به أخوان من أهل السنة والجماعة في لبنان ، النصارى تقف معهم الدول المسيحية الأوروبية ، والشيعة تقف معهم إيران وسوريا ، أما نحن فلا أحد يقف معنا ، وقد صرنا وقود الحرب الأهلية .

أنت يا بني لا تعلم ماذا حصل للفلسطنين هنا !

لو أن الجبال تتكلم لبكت وماتت كمدا .

زياد : كل هذا حصل ويحصل وأنا ...!

كم أحتقر نفسي ، واستصغرها ، كم أنا تائه ، ضعيف ، تافه ، كل هذا يحصل لأخوتي أبناء عقيدتي ، وأنا أجري خلف مسيحية ، لا أفكر إلا بشهوتي وجنوني ؟

الأب : يا بني للاسف الشباب الخليجي ما أكثرهم هنا ولكن ... !

زياد : ولكن يا عمي إلى متى ونحن غافلون ، إلا متى ونحن تافهون ؟؟

الأب : أسأل جدران داري وشبابيكها المخلوعة ، فسوف تجيبك ، كم يصرف الخليجيين على القمار والنوادي الليلة والسهرات الحمراء ، وعلى بنات الهوى ، وفتيات المساجات ، كم يصرفون ؟

لكن لم يكلف أحد منهم أحد يسأل عنا أو يحاول أن يعرف !

زياد : آآآه .

سعد : يجب أن ننقل كل ما شاهدناه لأهلنا .

زياد : نعم .

الأب ( يتبسم ) : أخشى أن لا يستيقظ أهلكم إلا إذا دار الزمان عليهم كما دار علينا ، عندها لن يرحمهم أحد ، فهل سيتعظون ، هل سيستيقظون ؟

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:37 pm

يعتنق الاسلام ولكنه – في البداية – كان يخجل من السجود الدكتور جيفري لانج Jeffrey Lang استاذ الرياضيات في جامعة كنساس الامريكية
الدكتور عثمان قدري مكانسي

- في اليوم الذي اعتنقت فيه الإسلام ، قدّم إليّ إمامُ المسجد كتيباً يشرح كيفية أداء الصلاة .
غير أنّي فوجئتُ بما رأيتـُه من قلق الطلاب المسلمين ، فقد ألحّوا عليَّ بعباراتٍ مثل:
خذ راحتك
لا تضغط على نفسك كثيراً ،من الأفضل أن تأخذ وقتكببطء .. شيئاً ، فشيئاً ...
وتساءلتُ في نفسي ، هل الصلاة صعبةٌ إلى هذا الحد ؟
لكنني تجاهلت نصائح الطلاب ، فقررت أن أبدأ فوراً بأداء الصلوات الخمس في أوقاتها .
وفي تلك الليلة ، أمضيت وقتاً طويلاً جالساً على الأريكة في غرفتي الصغيرة بإضاءتها الخافتة ، حيث كنت أدرس حركات الصلاة وأكررها ، وكذلك الآيات القرآنية التي سأتلوها ، والأدعية الواجب قراءتها في الصلاة .
وبما أن معظم ما كنت سأتلوه كان باللغة العربية ، فقد لزمني حفظ النصوص بلفظها العربي ، وبمعانيها باللغة الانكليزية . وتفحصتُ الكتيّب ساعاتٍ عدة ، قبل أن أجد في نفسي الثقة الكافية لتجربة الصلاة الأولى .
وكان الوقت قد قارب منتصف الليل ، لذلك قررت أن أصلّي صلاة العشاء ..
دخلت الحمام ووضعت الكتيب على طرف المغسلة مفتوحاً على الصفحة التي تشرح الوضوء .
وتتبعت التعليمات الواردة فيه خطوة خطوة ، بتأنٍّ ودقة ، مثل طاهٍ يجربُ وصفة ً لأول مرة في المطبخ .
وعندما انتهيت من الوضوء ، أغلقت الصنبور وعدت إلى الغرفة والماء يقطر من أطرافي ، إذ تقول تعليمات الكتيب بأنه من المستحب ألا يجفف المتوضئ نفسه بعد الوضوء ..
ووقفت في منتصف الغرفة ، متوجهاً إلى ما كنت أحسبه اتجاه القبلة . نظرت إلى الخلف لأتأكد من أنني أغلقت باب شقتي ، ثم توجهت إلى الأمام ، واعتدلت في وقفتي، وأخذتُ نفساً عميقاً ، ثم رفعت يديّ ، براحتين مفتوحتين ، ملامساً شحمتي الأذنين بإبهاميّ . ثم بعد ذلك ، قلت بصوت خافت الله أكبر .
كنت آمل ألا يسمعني أحد . فقد كنت أشعر بشيء من الانفعال . إذ لم أستطع التخلص من قلقي من كون أحد يتجسس علي . وفجأة أدركت أنني تركت الستائر مفتوحة .وتساءلت : ماذا لو رآني أحد الجيران ؟
تركتُ ما كنتُ فيه ، وتوجهتُ إلى النافذة . ثم جلت بنظري في الخارج لأتأكد من عدم وجود أحد . وعندما رأيت الباحة الخلفية خالية ، أحسست بالارتياح . فأغلقت الستائر ، وعدت إلى منتصف الغرفة ...
ومرة أخرى ، توجهت إلى القبلة ، واعتدلت في وقفتي ، ورفعت يدي إلى أن لامس الإبهامان شحمتـَيْ أذنيّ ، ثم همست الله أكبر .
وبصوت خافت لا يكاد يُسمع ، قرأت فاتحة الكتاب ببطء وتلعثم ، ثم أتبعتـُها بسورة قصيرة باللغة العربية ، وإن كنت أظن أن أي عربي لم يكن ليفهم شيئاً لو سمع تلاوتي تلك الليلة ! .
ثم بعد ذلك تلفظتُ بالتكبير مرة أخرى بصوت خافت، وانحنيت راكعاً حتى صار ظهري متعامداً مع ساقي ، واضعاً كفي على ركبتي. وشعرت بالإحراج ، إذ لم أنحَنِ لأحد في حياتي . ولذلك فقد سررت لأنني وحدي في الغرفة .
.وبينما كنت لا أزال راكعاً ، كررت عبارة سبحان ربي العظيم عدة مرات.ثم اعتدلت واقفاً وأنا أقرأ سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد
أحسست بقلبي يخفق بشدة ، وتزايد انفعالي عندما كبّرتُ مرةً أخرى بخضوع ، فقد حان وقت السجود.
وتجمدت في مكاني ، بينما كنت أحدق في البقعة التي أمامي ، حيث كان علي أن أهوي إليها على أطرافي الأربعة وأضع وجهي على الأرض
لم أستطع أن أفعل ذلك ! لم أستطع أن أنزل بنفسي إلى الأرض ، لم أستطع أن أذل نفسي بوضع أنفي على الأرض ، شأنَ العبد الذي يتذلل أمام سيده .. لقد خيل لي أن ساقي مقيدتان لا تقدران على الانثناء . لقد أحسست بكثير من العار والخزي وتخيلت ضحكات أصدقائي ومعارفي وقهقهاتهم ، وهم يراقبونني وأنا أجعل من نفسي مغفلاً أمامهم . وتخيلتُ كم سأكون مثيراً للشفقة والسخرية بينهم .
وكدت أسمعهم يقولون : مسكين 0(جف )، فقد أصابه العرب بمسّ في سان فرانسيسكو، أليس كذلك ؟وأخذت أدعو: أرجوك ، أرجوك أعنّي على هذا ..
أخذت نفساً عميقاً ، وأرغمت نفسي على النزول . الآن صرت على أربعتي ، ثم ترددت لحظات قليلة ، وبعد ذلك ضغطت وجهي على السجادة .. أفرغت ذهني من كل الأفكار،
وتلفظت ثلاث مرات بعبارة سبحان ربي الأعلى .
الله أكبر . قلتها ، ورفعت من السجود جالساً على عقبي . وأبقيت ذهني فارغاً، رافضاً السماح لأي شيء أن يصرف انتباهي .
الله أكبر . ووضعت وجهي على الأرض مرة أخرى . وبينما كان أنفي يلامس الأرض ، رحت أكرر عبارة سبحان ربي الأعلى بصورة آلية. فقد كنت مصمماً على إنهاء هذا الأمر مهما كلفني ذلك .
الله أكبر . و انتصبت واقفاً ، فيما قلت لنفسي : لا تزال هناك ثلاث جولات أمامي وصارعت عواطفي وكبريائي في ما تبقى لي من الصلاة . لكن الأمر صار أهون في كل شوط ، حتى أنني كنت في سكينة شبه كاملة في آخر سجدة .
ثم قرأت التشهد في الجلوس الأخير ، وأخيراً سلـَّمتُ عن يميني وشمالي .
وبينما بلغ بي الإعياء مبلغه ، بقيت جالساً على الأرض ، وأخذت أراجع المعركة التي مررت بها .. لقد أحسست بالإحراج لأنني عاركت نفسي كل ذلك العراك في سبيل أداء الصلاة إلى آخرها .
ودعوت برأس منخفض خجلاً: اغفر لي تكبري وغبائي ، فقد أتيت من مكان بعيد ، ولا يزال أمامي سبيل طويل لأقطعه .
وفي تلك اللحظة ، شعرت بشيء لم أجربه من قبل ، ولذلك يصعب علي وصفه بالكلمات .
فقد اجتاحتني موجة لا أستطيع أن أصفها إلا بأنها كالبرودة ، وبدا لي أنها تشع من نقطة ما في صدري . وكانت موجة عارمة فوجئت بها في البداية ، حتى أنني أذكر أنني كنت أرتعش ، غير أنها كانت أكثر من مجرد شعور جسدي ، فقد أثـّرت في عواطفي بطريقة غريبة أيضاً ، لقد بدا كأن الرحمة قد تجسدت في صورة محسوسة وأخذت تغلفني وتتغلغل فيّ .
ثم بدأت بالبكاء من غير أن أعرف السبب . فقد أخَذَت الدموع تنهمر على وجهي ، ووجدت نفسي أنتحب بشدة . وكلما ازداد بكائي ، ازداد إحساسي بأن قوة خارقة من اللطف والرحمة تحتضنني . ولم أكن أبكي بدافع من الشعور بالذنب ، رغم أنه يجدر بي ذلك ، ولا بدافع من الخزي أو السرور …. لقد بدا كأن سداً قد انفتح مطِلقاً عنانَ مخزونٍ عظيمٍ من الخوف والغضب بداخلي .
وبينما أنا أكتب هذه السطور، لا يسعني إلا أن أتساءل عما لو كانت مغفرة الله عز وجل لا تتضمن مجرد العفو عن الذنوب ، بل وكذلك الشفاء والسكينة أيضاً .
ظللت لبعض الوقت جالساً على ركبتي ، منحنياً إلى الأرض ، منتحباً ورأسي بين كفي.
وعندما توقفت عن البكاء أخيراً ، كنت قد بلغت الغاية في الإرهاق . فقد كانت تلك التجربة جارفة وغير مألوفة إلى حد لم يسمح لي حينئذ أن أبحث عن تفسيرات عقلانية لها ، وقد رأيت حينها أن هذه التجربة أغرب من أن أستطيع إخبار أحد بها.
أما أهم ما أدركته في ذلك الوقت : فهو أنني في حاجة ماسة إلى الله ، وإلى.الصلاة وقبل أن أقوم من مكاني ، دعوت بهذا الدعاء الأخير:
اللهم ، إذا تجرأتُ على الكفر بك مرة أخرى ، فاقتلني قبل ذلك -- خلصني من هذه الحياة
فمن الصعب جداً أن أحيا بكل ما عندي من النواقص والعيوب، لكنني لا أستطيع أن أعيش يوماً واحداً آخر وأنا أنكر وجودك '

------------------------------
هذا الموقع اسلم بسببه اناس كثيرون !!
صاحب هذا الموقع هو قسيس امريكي اعتنق الاسلام وهو الان داعية اسلامي معروف في امريكا
وقد قال هو بنفسه ان هذا الموقع تسبب باسلام الكثير ولله الحمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:39 pm

لطف الله تعالى
الدكتور : عثمان قدري مكانسي

أخبرني متعجباً أن ابن خالتها قدم من العراق إلى الشارقة يطلب يدها .
قلت له : الأمر عادي يا أبا أيمن ، لعل الله تعالى بحكمته سبحانه يريد أن يخلق ولداً – صبياً أو أنثى – ليخدمها ، فلستَ وأمها خالدين . ولو طال عمركما فستكونان – مثلها - بحاجة لمن تستعينان به في بعض أموركما ، هذه سنة الحياة يا أخي أبا أيمن .
قال : ولكنك تعلم أن نصفها السفلي مشلول تماماً ، ولا تتحرك إلا على الكرسي أو زحفاً ، ولا يتزوج الرجل المرأة إلا لحاجته إليها ، وأنّى لعاجزة تحتاج من يقدم لها حتى الماء لتشربه أو تود من يعينها في قضاء حاجتها أن تقوم بواجب الزوج ؟!
قلت : لعل الله تعالى آذن بالفرج يا صاحبي ، فأرسل هذا الفتى ليكون سبب وجود الطفل في حياة أمه ، يعيش لها ، ويقوم على خدمتها ، فيملأ حياتها بهجة وسروراً وينسيها بحركاته وضحكاته مرارة الحياة وقسوتها .
انطلق أبو أيمن مع زوجته وولديه وابنتيه بسيارتهم أوائل عام خمسة وتسعين وتسع مئة وألف للميلاد يريدون أداء العمرة ، وهذه عادتهم كل سنة في مثل هذا الوقت حيث ينتهي الفصل الأول من العام الدراسي . فلما كانوا عائدين إلى الشارقة ، ووصلوا مشارف مدينة الرياض انقلبت بهم السيارة في الوادي – وهذا قضاء الله الذي لا يُرد – فأصيب بعضهم بخدوش خفيفة أو متوسطة إلا " نهلة " – كبرى البنتين ، وكانت في ربيع العمر – فما عادت تستطيع الحركة ، إنه أمر الله الذي كتبه على بعض عباده ليمتحنهم في هذه الدنيا ، فيصبروا ، فتكون الجنة دارهم دون حساب – إن شاء الله تعالى - .. ولم يأل أبو أيمن جهداً في عرضها على كبار الأطباء في الإمارات وألمانيا وغيرهما ، فكان لا بد من الصبر والرضا بما قضى من لا يُرد قضاؤه .
كانت نهلة وما تزال ريحانة البيت وأنسه ، فابتسامتها لا تفارق وجهها ، وسلامها حار، وحديثها طليٌّ يدل على ذكاء وأريَحية . ولعل الله تعالى يمتحن عباده المؤمنين قبل غيرهم ، فيختبرهم ليكونوا بصبرهم في عداد أحبابه المقرّبين .. هكذا كانت نهلة الصبية زهرة البيت وريحانة والديها .
قال أبو أيمن : ولكن الفتى لا يحسن عملاً ، وكأنه لم يجد في بغداد ضالته ، فقدم إلينا يعرض زواجه منها ، فيعيش بيننا يبحث عن عمل ، فإذا وجده ترك الفتاة ومضى لشأنه ، وأظن أنه خطط لذلك ، فمن ذا يتزوج من فتاة هذا شأنها ، ويتحمل عبئها ، إلا لغاية مؤقتة في نفسه ؟!
قلت : وهل نعتقد غير هذا يا صاحبي ؟ لن يصبر إلا بقدر ما يحتاج ، إما أن يجد عملاً أو يعود أدراجه من حيث أتى .
قال : فماذا تقول ؟.
قلت : على الرغم أننا نستشف مراده من الزواج منها فلا بأس أن تدخل الفتاة التجربة ، وظني أن أمر الله كائن لا محالة . وربما – وهذا حتمال ضئيل - أن يعيشا منسجمين ، فليس غريباً أن يصبر على حياته معها ، ويرزقهما الله مالاً وأولاداً وسعادة ، والمسلم متفائل ، أليس كذلك يا أخي ؟.
كان أبو أيمن يطلعني على حياتهما حين ألتقيه متوقعاً ما فكرنا فيه ... ولم تمض فترة قصيرة حتى أخبرني أن الفتى غاب عن البيت دون سابق إنذار ، وأن هناك من رآه في بغداد وتأكد أنه استقر فيها . ولأننا كنا نتوقع ذلك فلم يكن وقع الأمر مؤلماً حتى على الزوجة الطيبة . ثم نما للأخ أبي أيمن أن الفتى مات أو قتل في الهرج الذي حصل حين دخل الأمريكان بعد سنوات إلى العراق ....
لم يمض شهران حتى جاء أبو أيمن مبتسماً يقول : أتدري يا أبا حسان أن نهلة حامل في شهرها الثالث ؟
نظرت إلى السماء أحمد الله اللطيف بخلقه ، الحكيم بقدره سبحانه ،، بدأت الفتاة تعيش على أمل يدغدغ قلبها ، ويزرع في نفسها الرغبة في الحياة ، ويغرس في صدرها ابتسامة السعادة ، وفي نفسها التشوّف للوليد الجديد الذي بدأت - منذ الآن - تهبه حياتها ، وتفكر في أن تكون له ، ويكون لها . تعيش لأجله وترى فيه الحياة وجمالها والطمأنينة وظلالها .
تركْتُ الإمارات وهي في شهرها الخمس على ما أظن ، ونسيت قصتها في زحمة الحياة الجديدة في الأردن . ... وفي يوم ربيعي مشرق رن جرس الهاتف ، إنه صوت الحبيب أبي أيمن يقول : رزقت نهلة بغلام جميل ؛ يا أبا حسان . وكان صوته يتدفق في أذني مخترقاً أعلى الصدر ليستقر في شغاف القلب ، وكنت أرى من بعيد ابتسامته الوضيئة وهو يكلمني ويزف إليّ هذا النبأ السعيد .
أحمد – الفتى الناشئ ذو عشرة الأعوام – ذكي نشيط يملأ دار جده حركة دؤوباً ، وسعادة غامرة وأملاً طيباً وروحاً وثـّابة ، وهو مسؤول عن جدّيه – وقد شاخا – ويدوربين أيديهم يقدم لهم الماء البارد ، ويحمل إليهم ما يطلبه الكبير من الصغير بنشاط . ويحمل سلة الخضار من البقالة المجاورة بهمة الرجل الصغير ، ويداعبهم بروحه الطفولية البريئة الواعدة ، ويضاحكهم ببسمته الملائكية البراقة ... ثم يكتب واجبه بفهم وذكاء ، ... سيكون – كما أكد مراراً – شاباً باراً بوالدته ، محباً لها ، عطوفاً عليها وعلى جدّه وجدّته .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:40 pm


:: وردةٌ لا تذبل :: ( قصة قصيرة )
محمد مصطفى عبد المجيد ( أبو الفرج )

إهداء إلى زوجتي ..
ونحن بعدُ في أول الطريق ..

وردةٌ لا تذبل
( قصة قصيرة )

انتهت من قصِّ حكاية قبل النوم على مسامع ( وفاء ) الصغيرة ذات الخمس سنوات ، والتي تزامن نومُها مع نهاية القصة بعد أن أخذت تدافع النوم الذي كان يداعب جفنيها أثناء سماع القصة ، وكأنه يريد أن يحرمها من سماع انتصار البطل في نهاية القصة .
بسمة ارتسمت على شفتي أمها .. أخذت تملأ عينيها بمشهد البراءة النائمة ، وكأنها ترتوي بالنظر إلى فلذة كبدها وأنيستها في هذا المنزل .. هذا المنزل الذي لا تعرف جدرانه منذ سنوات إلا ( وفاء ) وأمها ..
قامت بهدوء سائرة على أطراف قدميها إلى باب الحجرة .. التفتت لتلقي نظرة على أميرتها الصغيرة النائمة ..
مرَّ بخاطرها ..
بسمته تداعب مخيلتها كأنها حلم جميل ..
نظراته الحانية .. كلماته الرقيقة ..
تذكرت يوم أن كان يحتضن يديها بين يديه و .. ويحلم ..
نعم .. يحلم معها ..
يقرآن القرآن سويًّا .. تحوطهما الملائكة فرحين بهما ..
فرغ من قراءته .. التفت إليها وقال : أريد أن أحيا بالقرآن يا شريكة العمر .. أتعينيني ؟
نظرت إليه وقالت : معك إن شاء الله .. أعاهدك أن نحيا ونموت لله ..

خرجت من حجرة ( وفاء ) الصغيرة متجهة إلى غرفة المعيشة .. فتحت أحد الأدراج وأخرجت منه كتابًا قديمًا .. ألقت جسدها الذي أنهكته الأحزان والآلام على أقرب مقعد لها .

فتحت أولى صفحات الكتاب .. قرأت أول إهداء كتبه لها بخطه :
إهداء إلى زوجتي الحبيبة .....

- جئتُ لكِ بهذا الكتاب ، أعطيني قلمًا لأكتب لك إهداءً ..
تناولت من يديه وردة رقيقة ، وأمسكت الكتاب وطالعت عنوانه .. فتحت حقيبتها باحثة عن قلم .
فتح الصفحة الأولى .. أمسك القلم ..

إهداء إلى زوجتي الحبيبة
لا يلزم أن يكون طريق السعادة مفروشًا بالورود ..
ولكن قد تعتريه بعض الأشواك
زوجك
ناولها الكتاب .. تعلقت عيناها بتلك الجملة التي ذيل بها إهداءه .. ورود وأشواك ! .. بدت على وجهها الحيرة ..
نظر إليها قائلًا :
كثير من الناس يظن أن طريق السعادة طريق رحب واسع مفروش بالورود ، فإذا وقع به بلاء في هذا الطريق ظن أنه قد ضل الطريق .. بل قد يظن أنه سار منذ البداية في الطريق الخاطئ .. ولم يدرك هؤلاء أن طريق السعادة به أشواك .. بل كثير من الأشواك ..
سكت قليلًا ونظر إليها .. ما زالت عيناها متعلقتين بتلك الكلمات .. رفعت عينيها لتلتقي بعينيه .. أردف قائلًا :
الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر .. هكذا قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. وبالرغم من أنها سجن ـ عزيزتي ـ إلا أن المؤمن سعيد بربه عز وجل .. ويجب أن يعلم أن طريق الحق هو طريق السعادة ، ولو مر بالشوك وآذاه .. فهو يمر على الشوك في سعادة .. ومن أشد ما يسعد المرء أن يجد مؤازرًا له في هذا الطريق يشد من أزره ويدفعه للأمام .. فهلَّا كنتِ ؟
نظرت إليه وعبرة تترقرق في عينيها .. حاولت أن تمنعها لكنها أبت إلا أن تجري على وجنتيها ..
كانت المرة الأولى التي تسمع منه هذه الكلمات .. كان دائمًا يحدثها عن سعادة الورود ، ولم يحدثها من قبل عن سعادة الشوك ..
حبيبتي .. إن من لوازم الحب في هذا الطريق ألا يستسلم أي من الطرفين .. وإن اشتد الألم من الأشواك .. وألا يدفعه طول الطريق وقسوته إلى أن يتخلى عن رفيق دربه .. وهذا عين الوفاء ..
نحن على طريق بلاء وامتحان .. ألم يُبتلَ الأنبياء والمرسلين ؟ فكيف لا يُبتلى أتباعهم ممن ورثوا عنهم وظيفتهم وهي دعوة الخلق وتعبيد الناس لربهم ؟
انظري إلى الوردة التي بيدك .. كم هي جميلة ورقيقة .. ولكنها ستذبل يومًا ما .. أما الوفاء ـ حبيبتي ـ فهو الوردة التي لا تذبل .. مهما كان البلاء ومهما كانت الشدة يبقى الوفاء زاهيًا لا يذبل بحال ..
هلَّا كنتِ ؟

الدنيا منغَّصة .. وأَنَّى لحياة الورد أن تستمر .. سرعان ما أدمته الأشواك لأنه قال ربي الله وقال للناس اعبدوا ربكم ..
نظر إليها ، ونطقت عيناه : ها هو الشوك يا رفيقة الدرب .. فهل أنتِ على وعدك ؟
لملمت حروفها المبعثرة .. خرجت منها كلماتها المرتجفة :
أنتظرك .. وأنا على العهد ..
كانت آخر كلمات سمعها منها ، ثم كابد ظلمات سجون الدنيا ، بينما كان جنينٌ يتحرك في ظلمات أحشائها ..
مرت عليها الأيام .. وضعت وليدتها الصغيرة التي لم يشأ الله لأبيها أن يحملها بين يديه عند ولادتها ..
سمَّتها ( وفاء ) ..
مرت الأيام .. الشهور .. السنون ..
كبرت ( وفاء ) أمام عينيها يومًا بعد يوم ..
تُلقي على مسامعها قصص البطولة عن أسلاف أبيها الذين باعوا الفانية بالباقية ..
وتُترع فؤادها بالقرآن الذي عاهدت من قبلُ أن يكون نبراسها الذي تحيا وتموت عليه ..
أخذ الشيب يدب في رأسها يومًا بعد يومٍ ..
ذبلت الورود التي أهداها لها في بداية طريقهم ..
وبدأت أيضًا زهرة شبابها في الذبول ..
بينما ظل الوفاءُ في قلبها وردةً لا تذبل
قصص 464291
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:41 pm

واستشهدت رفيدة
ميرفت عوف - فلسطين

تلك الليلة حلمت رفيدة أنها سترى والدها الأسير في زمن لا يتجاوز الـ 45 دقيقة، باتت والشوق يتقلب على فراشها الصغير، لتستيقظ باكراً وتتزين كعروس صغيرة، ثم توقظ أمها قبل طلوع الشمس تستعجلها للذهاب إلى أبيها.

ذلك الموعد الذي تنتظره رفيدة طيلة شهر، وتوعد به ليل نهار، هو زيارة والدها في غرفة تفصلها عنه الأسلاك الشائكة؛ فتقحم أصابعها الصغيرة كي تلامس يد الأب الحاني الغائب عنهم، لم تهتم الطفلة بهذا المشوار القاسي الذي اعتادت عليه في كل شهر منذ اعتقل والدها في الثامن والعشرين من شهر ديسمبر 2005.

مشوار إذا تكلمنا عن مقتطفات منه، تقول إنه يبدأ بعد صلاة الفجر، عندما يتوجه المئات من ذوي الأسرى الفلسطينيين إلى موقف حافلات الصليب الأحمر، وهناك يستقلون تلك الحافلات للوصول إلى سجن نفحة على سبيل المثال بعد منتصف النهار، مارين بحواجز عدة، تستوقفهم بالتناوب على وقتهم في هذا اليوم الذي ينتهي لإسعادهم برؤية أسيرهم 45 دقيقة، وهنا قطع مشوار رفيدة إلى والدها حاجز صهيوني، وطال الوقوف؛ ما دفع رفيدة وبعض الأطفال إلى النزول بعد ساعات طويلة مرت عليهم، والحافلة متوقفة في الحاجز، ولم تتمكن أمها التي تحمل بين يديها طفلها الرضيع من إمساك رفيدة ومنعها من النزول.

وبعد دقائق من نزول رفيدة، حدثت الفاجعة، وسقطت البوابة الحديدية الضخمة على رأسها، ركضت والدة رفيدة مسرعة نحو المكان، لكنها لم تر ذلك الوجه البريء الذي كان يشع فرحاً وشوقاً لرؤية الوالد، ولم تر تلك البسمة التي رافقت رفيدة طيلة المشوار، ولم تسمع الصوت الطفولي يسألها بلا توقف عن لحظة اللقاء؛ فقد هُشم الرأس وغطت الدماء كل شيء، لم يكن الفاعل هنا رصاصة كما هو متوقع من الصهاينة؛ فقد تغير أسلوب القتل هذه المرة، وصارت البوابة سلاحاً له.

ترك الجميع مقاعدهم وهبوا لمساعدة الأم التي مضت دون وعي تضم الرأس المهشم إلى صدرها، وقد أسكتتها الصدمة حتى كأنها خرساء.

في هذه الأثناء كان الأب ينتظر بشوق عائلته لينعم برؤيتها، كان ينتظر رفيدة ذات السنوات الثلاث كي تداعبه وتحدثه بلهجتها البريئة عن حلمها، وعن تلك الهدية التي تحلم أن يحضرها إليها، وتنشد له أنشودة الحرية بحروفها المقلوبة، وطال الانتظار ولم تصل العائلة؛ فقد سكنت الروح جسد رفيدة ثلاثة أيام في مستشفى تل هاشومير بمدينة تل الربيع المحتلة، ثم سكن الجسد دون روح.

عادت أم رفيدة من جديد إلى يوم الزيارة لتقابل زوجها دون رفيدة، وتحدثت لزوجها بلغة الدموع والألم عن فقدان الغالية التي ملأت حياتهما.

رحلت الطفلة الندية رفيدة في السادس والعشرين من إبريل عام 2006 دون أن تحقق حلمها بلقاء أبيها، توارى الحلم الصغير مع جسدها الرقيق، علها تتمكن من لقائه في دار الخلد، وعل الأب يلقاها في حلم يقظة أو نوم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
????
زائر




قصص Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص   قصص Emptyالإثنين يونيو 07, 2010 7:43 pm

واستشهدت رفيدة
ميرفت عوف - فلسطين

تلك الليلة حلمت رفيدة أنها سترى والدها الأسير في زمن لا يتجاوز الـ 45 دقيقة، باتت والشوق يتقلب على فراشها الصغير، لتستيقظ باكراً وتتزين كعروس صغيرة، ثم توقظ أمها قبل طلوع الشمس تستعجلها للذهاب إلى أبيها.

ذلك الموعد الذي تنتظره رفيدة طيلة شهر، وتوعد به ليل نهار، هو زيارة والدها في غرفة تفصلها عنه الأسلاك الشائكة؛ فتقحم أصابعها الصغيرة كي تلامس يد الأب الحاني الغائب عنهم، لم تهتم الطفلة بهذا المشوار القاسي الذي اعتادت عليه في كل شهر منذ اعتقل والدها في الثامن والعشرين من شهر ديسمبر 2005.

مشوار إذا تكلمنا عن مقتطفات منه، تقول إنه يبدأ بعد صلاة الفجر، عندما يتوجه المئات من ذوي الأسرى الفلسطينيين إلى موقف حافلات الصليب الأحمر، وهناك يستقلون تلك الحافلات للوصول إلى سجن نفحة على سبيل المثال بعد منتصف النهار، مارين بحواجز عدة، تستوقفهم بالتناوب على وقتهم في هذا اليوم الذي ينتهي لإسعادهم برؤية أسيرهم 45 دقيقة، وهنا قطع مشوار رفيدة إلى والدها حاجز صهيوني، وطال الوقوف؛ ما دفع رفيدة وبعض الأطفال إلى النزول بعد ساعات طويلة مرت عليهم، والحافلة متوقفة في الحاجز، ولم تتمكن أمها التي تحمل بين يديها طفلها الرضيع من إمساك رفيدة ومنعها من النزول.

وبعد دقائق من نزول رفيدة، حدثت الفاجعة، وسقطت البوابة الحديدية الضخمة على رأسها، ركضت والدة رفيدة مسرعة نحو المكان، لكنها لم تر ذلك الوجه البريء الذي كان يشع فرحاً وشوقاً لرؤية الوالد، ولم تر تلك البسمة التي رافقت رفيدة طيلة المشوار، ولم تسمع الصوت الطفولي يسألها بلا توقف عن لحظة اللقاء؛ فقد هُشم الرأس وغطت الدماء كل شيء، لم يكن الفاعل هنا رصاصة كما هو متوقع من الصهاينة؛ فقد تغير أسلوب القتل هذه المرة، وصارت البوابة سلاحاً له.

ترك الجميع مقاعدهم وهبوا لمساعدة الأم التي مضت دون وعي تضم الرأس المهشم إلى صدرها، وقد أسكتتها الصدمة حتى كأنها خرساء.

في هذه الأثناء كان الأب ينتظر بشوق عائلته لينعم برؤيتها، كان ينتظر رفيدة ذات السنوات الثلاث كي تداعبه وتحدثه بلهجتها البريئة عن حلمها، وعن تلك الهدية التي تحلم أن يحضرها إليها، وتنشد له أنشودة الحرية بحروفها المقلوبة، وطال الانتظار ولم تصل العائلة؛ فقد سكنت الروح جسد رفيدة ثلاثة أيام في مستشفى تل هاشومير بمدينة تل الربيع المحتلة، ثم سكن الجسد دون روح.

عادت أم رفيدة من جديد إلى يوم الزيارة لتقابل زوجها دون رفيدة، وتحدثت لزوجها بلغة الدموع والألم عن فقدان الغالية التي ملأت حياتهما.

رحلت الطفلة الندية رفيدة في السادس والعشرين من إبريل عام 2006 دون أن تحقق حلمها بلقاء أبيها، توارى الحلم الصغير مع جسدها الرقيق، علها تتمكن من لقائه في دار الخلد، وعل الأب يلقاها في حلم يقظة أو نوم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصص
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عيون بغداد :: ô¦¦§¦¦ô¤~ المنتديات الأدبيه و الثقافيه ~¤ô¦¦§¦¦ô :: شعر - قصائد - همس القوافي-
انتقل الى: